13 سبتمبر 2025

تسجيل

دفاعا عن مصر لا عن الإخوان المسلمين

28 سبتمبر 2013

قرار المحكمة للأمور المستعجلة حظر جماعة الإخوان المسلمين ثم سعي بعض القانونيين تطوعاً لخلق "محاكم تفتيش" تتابع تنفيذ هذا الحكم في الانتخابات البرلمانية القادمة لمنع أي عضو من جماعة الإخوان الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة هو نكسة للثورة في الوقت الذي تتشكل فيه جمعيات وحركات على غرار حركة تمرد لجمع ملايين التوقيعات تطلب فيها من السيسي الترشح لرئاسة الجمهورية باعتباره بطلا قوميا أرجع مصر إلى حضن أهلها ممن اغتصبها، وفقا لأدبيات ومصطلحات تتهافت عليها النخب المترهلة في مصر، ممن أعمى الحقد بصيرته، لم يجد في الإخوان إلا عفريتا يجب صرفه، ولو بطقوس وشعوذات لا تمتّ إلى الديمقراطية والعمل السياسي بصلة. حظر الإخوان هو الثالث في تاريخ مصر، وعقب كلّ حظر كانت تخرج الجماعة أقوى مما كانت. لا شك أن أموراً تغيرت في تاريخ مصر والجماعة التي يتعايش فيها ثلاثة أجيال في وقت واحد تعيش حاليا مخاض صراع الأجيال، يضاف له صراع الخلفيات الجغرافية من ريف وحضر، فضلاً عما تغيره الوسائط الاجتماعية اليوم من عقليات، وما تخلقه من نزعات وتوجهات عند مدمنيها، وهذا ينسحب على شباب الإخوان المسلمين كحال شريحة الشباب المصري المسيّس وغير المسيّس في آن واحد، إلا أن ذلك لا يمكن أن يقضي على الجماعة كتنظيم صمد لمدة ثمانين عاماً أمام الضربات الأمنية التي تعرض لها. إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين التي يقارب عدد أفرادها الملتزمين دفع الاشتراكات الشهرية يقارب المليون شخص، يضاف لهم أضعاف مضاعفة من المقربين والمؤيدين، فضلاً عن المتعاطفين معهم يصنفون بأنهم إرهابيون وأنهم يقفون وراء عمليات العنف التي تضرب مصر، ثم إصرار الإعلام المصري عن سابق تصميم على إلصاق تهمة الإرهاب بهؤلاء، يدرك خطورة ما تدفع السلطات المصرية البلاد إليه.. التضييق على الإخوان بمثل هذه الحالات وعدم ترك الباب مفتوحا وراءها للعودة ولو على قواعد وأسس مختلفة يعني عمليا دفع الجماعة لخيار إسقاط النظام الحالي مهما كان الثمن باهظاً. وأي باحث بشؤون الجماعات الإسلامية يعلم تماما أن التعامل الأمني مع جماعة الإخوان لن يخفيها من الوجود ولن يحدّ من نشاطها، ثم إن وضع الدولة يدها على عقارات ومؤسسات الإخوان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سيوجع الإخوان بلا شك، لكنه سيخلق داخلها جيلاً جديداً أكثر تشدداً وتصلباً وراديكالية من أيّ جيل ولد من رحم الحركة منذ تأسيسها على يد حسن البنا.. القول إن ما تعيشه مصر اليوم يعود سببه لإرهاب منظم يمارسه الإخوان هو كمن يغطي السماء بغربال. فجميعنا يعلم أن الدولة الأمنية والبوليسية لم تسقط بسقوط حسني مبارك، ولا برحيل المجلس العسكري، وأن كل مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية كانت شديدة العناد في التعاون مع نظام محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا لمصر، بل وصل الأمر ببعض ضبّاط الحراسة لمنزل مرسي أن يشتموا الرئيس وأولاده علناً أمام أنصاره، وكانوا يراهنون على أن مرحلة مرسي هي مرحلة مؤقتة ستنتهي سريعا. بعد سقوط مرسي بساعات، أخفتت مشاكل السولار والبنزين وطوابير الخبز والغاز وزحمة السير، كما انتهت أزمة سدّ النهضة الإثيوبي، وتدفقت المليارات الخليجية بشكل مثير للريبة، وانتهى الحديث عن خطورة التدخل الخارجي في الشؤون المصرية،في حين أصبح التدخل الخليجي مباركا ومطلوبا لحماية الأمن القومي المصري والعربي على السواء، ولم يعد أحد يهتم بالمضايقات الأمنية للصحافيين والإعلاميين، وكأن الأمر تحتاجه المرحلة الراهنة. الكذبة التي يروج لها خصوم الإخوان، ويتلقفها أحيانا بعض الكتاب من أصحاب الطوية الحسنة، أن ما حدث في 30 يونيو، وما بعده كان بسبب فشل الإخوان في إدارة مصر، الذين انتهجوا سياسة أخونة الدولة، وحاولوا بيع أجزاء من أراضيها لدول أخرى مثل قطر والسودان وإسرائيل، وأنهم تعاونوا مع الرئيس أوباما لتقسيم مصر، يدرك حقيقة المؤامرة التي حيكت بعناية وهدوء ضد الإخوان بعد 25 يناير 2011 وازدادت قوة بعد وصول مرسي للحكم. يا سادة.. ليس الإخوان هم سبب ما تمرّ به مصر اليوم، وليس بهذه الأساليب البوليسية الملتوية يمكن العبور بالبلاد إلى دولة ديمقراطية تعدّدية على غرار دول كانت تشبهها كثيراً مطلع القرن الفائت، مثل الهند، وماليزيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا. مصر لن تنهض إلا بجميع مكوناتها من أقباط، وإسلاميين، وأحزاب ليبرالية ويسارية، وقومية. وإن إسقاط النظام الأمني الذي عاد بثوب جديد بعد أن أسقط الإخوان هو من ينبغي أن توجه إليه جهود المخلصين من المصريين.