20 سبتمبر 2025

تسجيل

أوروبا لن تسمح بسقوط اليونان

28 سبتمبر 2011

مازالت قضية الديون السيادية الأوروبية تلقي بظلالها على الساحة الاقتصادية الأوروبية، في ظل الشكوك من عدم قدرة اليونان على سداد ديونها، الأمر الذي دعا دولا أوروبية لطلب ضمانات قبل استمرار مساعدة اليونان. وتأجيل منح اليونان قسطا من المساعدات كان من المقرر منحه لها خلال الشهر الحالي إلى الشهر المقبل. وتتفاوت التوقعات بشأن مصير مديونية اليونان، حتى وصل الأمر إلى توقع البعض إعلان إفلاسها. إلا أنني أتوقع استبعاد هذا السيناريو، خاصة في ظل تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي والمستشارة الألمانية ميركل، باستمرار اليونان ضمن مجموعة اليورو، وبما يشير من ناحية أخرى إلى الاستمرار في مساندة دول اليورو لليونان في أزمتها. وتأتي مساندة دول اليورو لليونان في إطار سعيها لاجتذاب دول جديدة للعضوية، بخلاف الدول السبع عشر المكونة لمنطقة اليورو، ومن ثم فإنها لا تود إعطاء صورة سلبية للدول خارج منطقة اليورو مفاده أن الانضمام كان له آثار سلبية على اقتصادها. وفي الوقت نفسه فإنها تحافظ على العملة الأوروبية، في ظل تنافسها مع العملات الدولية الأخرى. حيث إن انخفاض قيمة تلك العملة له تبعات سلبية على قيمة الواردات الأوروبية. وعلى نسب وجود تلك العملة في الاحتياطيات الدولية لدى دول العالم. وترتبط مشكلة الديون السيادية بمشاكل متعددة داخل الاقتصاد الأوروبي، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة، وضعف القدرات الحكومية على التوسع في الإنفاق لامتصاص جانبا منها. فحتى شهر يوليو الماضي بلغت نسبة البطالة 10 % بمنطقة اليورو و5ر9 % بالاتحاد الأوروبي. كما بلغت النسبة 2ر21 % بإسبانيا و5ر14 % بأيرلندا، و4ر13 % بسلوفاكيا و3ر12 % بالبرتغال و5ر11 % ببلغاريا و9ر9 % بفرنسا. كما ارتبطت مشكلة الديون السيادية بتراجع معدلات النمو، حيث تشير بيانات اليورو ستات إلى أنه خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت نسبة النمو الفصلي، بكل من دول منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي 2ر0 % بالمقارنة للنمو خلال الربع الأول من العام الحالي. حيث بلغ معدل النمو الفصلي صفر بالمائة في كل من المجر والبرتغال 1ر0 % في كل من ألمانيا وهولندا، و2ر0 % في كل من إسبانيا وانجلترا والتشيك ورومانيا و3ر0 % بإيطاليا. كما تم خفض توقعات النمو خلال الربعين الثالث والربع من العام الحالي. وكذلك تأثر ميزان المعاملات الجارية الأوروبي بالديون السيادية، حيث زادت قيمة العجز به من 4ر20 مليار يورو بالربع الأخير من العام الماضي إلى 8ر38 مليار يورو بالربع الأول من العام الحالي، واستمرت قيمة العجز في الارتفاع إلى 2ر43 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي. وذلك بسبب استمرار العجز في الميزان التجاري للاتحاد الأوروبي بينما استمر الميزان التجاري الخدمي لدول الاتحاد في تحقيق فوائض. كذلك استمرت الديون الخارجية لكثير من الدول الأوروبية في الصعود، ما بين نهاية الربع الأخير من العام الماضي ونهاية الربع الأول من العام الحالي حيث زادت قيمة الديون الخارجية لليونان من 546 مليار دولار إلى 580 مليار دولار. وللمجر من 5ر209 مليار دولار إلى 225 مليار دولار. ولأيرلندا من 303ر2 تريليون إلى 382 ر2 تريليون دولار، ولألمانيا من 208ر5 تريليون دولار إلى 442ر5 تريليون دولار ولفرنسا من 091ر5 تريليون دولار إلى 366ر5 تريليون دولار. كذلك زادت ديون الدانمرك وبلغاريا وبلجيكا والنمسا وليتوانيا ولكسمبروج وهولندا والبرتغال والسويد خلال نفس الفترة. وانعكست الأزمة على البنوك الأوروبية التي أظهرت اختبارات التحمل لها وجود فجوة تمويلات 8 مليارات دولار، وهي الفجوة التي يتوقع زيادتها في حالة تفاقم الأزمة. حيث إن هناك انكشافا لبنوك يونانية على فرنسا وألمانيا وغيرها. مما ينقل التأثير السلبي إلى تلك الدول في حالة تردى الأوضاع اليونانية. ويتكرر ذلك مع الدول التي تضررت أكثر من غيرها بأزمة الديون السيادية مثل أيرلندا والبرتغال. ومن هنا كانت الحاجة لزيادة رؤوس أموال البنوك الأوروبية، وناحية أخرى زيادة معدلات التوقعات الخاصة بمواجهة القطاع المصرفي الأوروبي أزمة ائتمان. وتأثر تصنيف بنوك أوروبية وهو ما حدث بالفعل مع بنكي كريدي اجريكول وسوسوتيه جنرال اللذين قامت مؤسسة موديز بخفض تصنيفهما. وبسبب كل تلك العوامل السابقة فسوف تستمر دول اليورو ودول الاتحاد الأوروبي، وحتى الولايات المتحدة واليابان في مساندة الدول المتضررة من أزمة الديون السيادية الأوروبية حرصا على الاستقرار المالي العالمي الذي ستكتوي بنهاره كل تلك الدول.