18 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ردها أسامة حمدان معاتبا، ومذكرها في الوقت ذاته بمقولة الفاروق عمر بن الخطاب مخاطبا أبو سفيان "صخر بن حرب الأموي القرشي الكناني"، عقب انتهاء "معركة أحد" بين المسلمين وكفار قريش قائلا: "شهداؤنا في الجنة وقتلاكم في النار".هذا مقطع من الحوار التليفزيوني على فضائية "العربية-الحدث" الذي دار بين الإعلامية نجوى قاسم مع مسؤول العلاقات الخارجية بحركة حماس الأسبوع الفائت، حيث اعتادت شبكة "العربية" الإخبارية، وكل تفرعاتها مثل "إم.بي.سي"، وصف ضحايا العدوان الإسرائيلي "الجرف الصامد" على الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل بأنهم "قتلى"، فيما تطلق عليهم الفضائيات الأخرى تسمية "الشهداء".. وهذا ما اعتاد سماعه أيضا العرب في كل مكان، وأصبح توصيفا حصريا مرتبطا بالفهم الديني لمن يحارب ويقاتل "يهود إسرائيل".ولنذكر الإعلامية الفاضلة التي وقعت في حرج شديد، ولم تجد ردا على "خطيئة" رئيس تحرير الفترة الإخبارية، بما قاله الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الشهداء منقولا عن مجموعة من الصحابة ورواة الحديث: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد"، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: "... أعلى درجات الشهادة من مات في لقاء العدو مقبلا غير مدبر، وكان قتاله لتكون كلمة الله هي العليا"، وهذا التوصيف والمفاضلة من الله تعالى على لسان نبيّه ورسوله، كاف شاف للذين يشكّكون بتوصيف "الشهيد"، وهذا فضل عظيم حتى للمؤمنين من أهل الكتاب الحق الذين وعدهم الله بالجنّة لقوله جل شأنه: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ" (سورة التوبة).المصيبة الأخرى التي اقترفتها "العربية-الحدث" بحق الغزّيّين كانت يوم الأربعاء الموافق 25 يوليو الفائت، عندما كتبت على شريطها الإخباري خبرا تحت عنوان "عاجل"، ثم تبرعت المذيعة بتلاوته نقلا عن مسؤول في "وكالة الأونروا" مفاده أنه تم العثور على صواريخ في إحدى المدارس العائدة للوكالة في مخيم جباليا، مع تجهيل هوية المصدر أو التحقق من مصداقيته، أو ذكر اسم المدرسة، ومتى وكيف، مع العلم بأن معظم هذه المدارس ومبانيها باتت ملجأ للعائلات الفلسطينية للاحتماء وقتها من القصف الصاروخي والمدفعي الإسرائيليين.بعد هذا التبرع السخي والادعاء الذي وقعت فيه "العربية-الحدث" بساعات، وتحديدا فجر الخميس، تعرضت المدرسة حسب وكالات الأنباء لقصف عنيف من الطائرات الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد عشرات الفلسطينيين معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى عشرات المصابين، ولتتابع إسرائيل بعدها مسلسل استهداف مدارس "الأونروا" في القطاع وسقوط المزيد من الضحايا.هل هذا معقول يا "العربية-الحدث" أن تقدمي هذه الخدمة لإسرائيل لاستغلالها إعلاميا، ومبررا لاستهداف المدرسة ومدارس أخرى ومن لجأ إليها من الناس ليحتموا بعلم الأمم المتحدة.. وهل السبق الصحفي والانفراد أسقط من مفهوم هؤلاء تحري الدقة والموضوعية على قاعدة حماية أبناء قومهم؟، أتمنى حقا أن يتم التحقق من هذه الفرية التي من الممكن أن يكون وراءها أشخاص حاقدون على العروبة والفلسطينيين منهم. العجب.. كل العجب، رغم انقضاء هذه القرون الطويلة الماضية على عصر الجاهلية أن يبقى العقل العربي أسير مفاهيم "حرب داحس والغبراء"، بدلا من أن يذهب إلى الانتصار لأبناء قومه في هذه الحرب الضروس التي يشنها اليهود الصهاينة ضد الفلسطينيين، فالمؤشر الذي أمكن تسجيله لبعض وسائل الإعلام المرتدية السحنة واللغة العربية، كانت باتجاه الانجرار لما يصب في مصلحة عدو الأمة، ومساواة الضحية بالجلاد، بتحميل المقاومة مسؤولية ما يتعرض له الشعب في الضفة الغربية وقطاع غزة من تقتيل وتدمير للبشر والشجر والمنازل والمدارس وغيره، وآل أصحاب الرأي من السياسيين والإعلاميين العرب إلى الانحدار الأخلاقي غير المسبوق، وهم الذين كانوا يتغنون ليلا ونهارا بحب فلسطين، واتضح الآن أنهم يكرهون الفلسطينيين ويمقتونهم حتى الموت، أو ربما هي تصفية حسابات.ولنقرأ المفارقة بين إعلامنا "عربي الوجه واللسان فقط!"، وإعلام العدو الصهيوني الذي عمد مؤخرا إلى استبدال اسم "الجرف الصامد" الذي أطلقته حكومة الحرب على عدوانها العسكري، بعنوان آخر هو "حرب غزة"، وما يحمله هذا التغيير في طياته من تحوّل في قراءة هذا الإعلام والمحللين في الصحف الإسرائيلية من تطابق مع المستويين السياسي والعسكري لمجريات الأحداث في ميدان المعركة ونطاق العمليات العسكرية، إذن هي حرب بكل معنى الكلمة.. وإلى الخميس المقبل.