12 سبتمبر 2025

تسجيل

أشعب لم يكن بمفرده

28 أغسطس 2012

بعض الشخصيات في تاريخ السرد العربي قد تعرض على أيدي الأجيال المتعاقبة إلى الإضافة أو الحذف عند استحضارهم في الوقت الراهن على سبيل المثال الحكايات والأشعار التي تحمل وزرها الشاعر الحسن بن هاني – أبو نواس – أكثر من أن تذكر، والنكت والملح والنوادر التي تحمل "جحا" سواء كان شخصية حقيقية أو من بنات الأفكار تروى حتى الآن، وجحا هذه الشخصية، شخصية عالمية، فهو ضمن الشخصيات التركية والفارسية واسمه "ملا نصر الدين" حتى أن بعض الحكايات توزع عبر تاريخ النوادر على أكثر من شخصية، في مرحلة الصبا كانت تباع على الأرصفة في براحة الجفيري، نوادر جحا مع نوادر أبو نواس – ما علينا – ولكن أرى أن هناك شخصية قد وقع عليه ظلم كبير، وأعني – أشعب – ذلك الإنسان الذي ارتبط بمفرده – الإنسان الطفيلي – وكان دأبه الانطلاق خلف أي عزومة، سواء في إطار العرس أو المأتم – سيان – ولقد اشتهر ذلك المسكين بهذه الصفة عبر تاريخ السرد العربي إجمالاً، وما روي عنه منثور في العديد من الكتب ذات الارتباط العضوي بتراث الأدب العربي، وأنا أرى أن الظلم والجور قد وقع على أشعب زعيم الطفيليين، كما أن الأديب الكبير الجاحظ قد ظلم البخلاء الذين عاشوا في تلك الحقبة من عمر الزمن، فالبخلاء في العصر الحديث أكثر شحاً، وإذا كان الأقدمون لا يملكون ففي هذا العصر هناك من يملك ويرى ومع هذا فهو يسجل اسمه في ذاكرة البخلاء بلا فخر. أعود إلى أشعب، محور هذه السطور، والقصة أنني أشاهد بأم عيني وجود مدرسة ومنتمين إلى صاحب السيرة العطرة "أشعب" ذلك أن النماذج التي تعيش بين ظهرانينا تضم كوكبة مختلطة مع البشر، ومع أن أشعب قديماً كان يجلس بلا دعوة وبمفرده على مائدة الكرام واللئام على حد سواء، فأشعب هذا العصر، يجلب معه الآخرين ويصر في كل ملتقى أن يكون بصحبة فلذة كبده، ويعتلي الصدارة في الموائد العامرة، خاصة في الفنادق، خاصة أن السوائط تخلق هذا الإطار، ما عليه سوى أن يقرأ مثلاً إعلاناً عن عرس أو مأتم فيشد الرحال دون خوف أو خجل، أما الدعوات الرسمية والخاصة باليوم الوطني للدول الصديقة فإنه ينطلق ويقدم ذاته، وكما يحدث في المآتم أو الأعراس، لا يسأل أحد لماذا هو يعتلي الصدارة، وليس بمقدور أحد الاستفسار. استغرابي من وجود هؤلاء، كيف تتناول أطايب الطعام في هذه المناسبات دون أن تفكر في أن زوجتك أو بنتك محرومتان من مشاهدة الموائد العامرة، آن يا أشعب لقد تحملت وزر المفردة – الطفيلي – وما أكثرهم الآن وفي كل المناسبات.