28 أكتوبر 2025
تسجيلونحن على أعتاب الخروج من أزمة كورونا وتداعياتها أرى من الضروري أن تكون لنا وقفات جادة تقييمية شاملة لمعالجاتنا المؤسسية والمجتمعية التي تمت، لبروز دروس ذات معطيات مهمة لابد من أخذها في الاعتبار، ومنها التعاطي مع هذه الأزمة بين ظاهرة الشعارات والتصريحات الاعلامية (الشو) وبين الإنجازات الحقيقية والتفاعل الذكي معها. فمنذ سنوات تبنت مؤسساتنا ومعاهد التدريب لدينا تقديم دورات إدارة الأزمات وبناء السيناريوهات الاستراتيجية لموظفي الدولة وقياداتها، فهل فعلا تولد عن ذلك تخطيط استراتيجي مبني على سيناريوهات البدائل في مؤسساتنا؟ وهل أصبحنا نتعامل مع الأزمات المختلفة بمرونة عالية ونسبة تكيف مرتفعة أم الحال ما زال دون المأمول؟. خذ مثالا.. معهد الادارة العامة للتدريب (وزارة التنمية الادارية والعمل والشؤون الاجتماعية) ورغم الجهود الضخمة والمقدرة التي يقوم بها منذ سنوات لكننا رأينا كيف تعطلت دوراته لعدة شهور، وهو الملتزم هذا العام بتنفيذ أكثر من ٦٠٠ برنامج تدريبي، بالاضافة لتوقف الدورات التدريبية التخصصية المُنظمة من قبل إدارات الموارد البشرية في الوزارات، مما كان له تأثيره المربك على حركة الترقيات لكثير من موظفي الدولة، بسبب ارتباط الترقيات بمسار الدورات التدريبية، رغم أن هذا التوقف كان بالامكان معالجته لو تم التحول لسيناريو التدريب عن بعد من بداية الأزمة مباشرة. وهذا الامر ليس حصرا على جهة دون أخرى، بل هو ظاهرة عامة في العديد من مؤسساتنا، وهنا تتأكد ضرورة التبني الحقيقي لمنهجيات الادارة الاستراتيجية واستشراف المستقبل والتخطيط المبني على السيناريوهات في مؤسساتنا، من خلال إعلاء شأن ودور إدارات التخطيط والجودة فيها، ومدّها بالموارد البشرية المتخصصة وذات الكفاءة والخبرة، لأن هذه الادارات هي بمثابة العقل للمؤسسة، ولا يجب أن تهمّش ويحول لها الموظفون من غير سابق تخصص وخبرة. كما أنه آن الآوان لتفعيل آليات التقييم والمتابعة والمحاسبة الجادة لدى الجهات المركزية في الدولة، للتأكد من تنفيذ خطط مؤسساتنا وصدقية تحقق مؤشرات الانجاز، من خلال اللقاءات الدورية بين الجهات الرقابية وبين قيادات هذه المؤسسات. وتكشف فيها نتائج تنفيذ الخطط في جو من الشفافية والمؤسسية وليس الاقتصار في ذلك على التقارير المكتوبة المرفوعة التي تُعد على عجل للجهات ذات الاختصاص لذر الرماد في العيون، لنبني فعلا بيئة عمل ذات ثقافة استراتيجية جادة وديناميكية عملية حقيقية، بغض النظر عن التقلبات والمتغيرات المختلفة المحلية أو العالمية التي تؤخذ كشماعة ومبرر للانحرافات في تنفيذ خطط التنمية ومشاريع الدولة والتأخر فيها. خبير التنمية البشرية والإدارية [email protected]