18 سبتمبر 2025

تسجيل

نهاية طاغية

28 يوليو 2016

تولى موسوليني حكم البلاد وهو يحلم بإيطاليا عظمى، تعيد مجدا قد ضاع، والمتمثل في الإمبراطورية الرومانية، وجذبت الفكرة الكثيرين من الطليان، ولكن بسبب تركيبته الشخصية النفسية المتناقضة، انقلب على الشعب سريعاً وصار طاغية، يقسو على شعبه ويبث الرعب في النفوس، وبدأ يتخلص من كل من وقف أمام حلمه. وحكم إيطاليا بقوة الحديد والنار، فلا صوت يعلو صوته ولا صورة تُعلق في البلاد غير صورته. عاش الشعب الإيطالي خائفاً مرعوباً، وقامت عصابات موسوليني تعيث فساداً في الأرض، تقتل وتقمع وتخنق أي صوت معارض، حتى تهلهل الكيان الاقتصادي للبلاد خاصة بعد دخولها الحرب العالمية الثانية مع هتلر ألمانيا. بدأ التململ يدب في الشارع الإيطالي وبدأت النفوس تتذمر من الزعيم، وجدار الخوف منه ينكسر تدريجياً، حتى قرر المجلس الأعلى الفاشي إقالته. ولم يتقبل الأمر وعارض ودخل في إشكاليات مع الدولة وتحالف مع هتلر، ولكن دون كثير جدوى.لم يصدق موسوليني أنه خارج الحكم، ولم يتقبل الأمر وكافح واستقر في إحدى المدن وهو يعتقد أن بها الكثير من المناصرين والموالين له، ولم يدر بخلده أن الأمور تتغير بسرعة. حيث تناثر المؤيدون هنا وهناك وابتعدوا عنه إلى أن أيقن بأهمية قبول الأمر الواقع، فقرر الهروب سراً وهرب متخفياً بزي الجنود الألمان في شاحنة نقل عسكرية. لكن القوات الوطنية الإيطالية اكتشفته فألقي القبض عليه.تمت محاكمته سريعاً وأعدم مع خمسة من القادة الفاشيين، ولم يصدق الناس قصة الإعدام، حتى اضطرت الحكومة إلى نقله وبقية من تم إعدامهم إلى ميدان عام في مدينة ميلانو، وتم تعليق جثثهم من أرجلهم لعدة أيام، وهي طريقة الإعدام التي كان يُشنق بها الخونة في روما القديمة، التي حاول موسوليني إعادة أساليبها. الشاهد من القصة، أن عقلية الطغاة تتكرر في كل زمان ومكان، ولكن في أجسام مختلفة. سيطرة روح الكبر والتجبر إلى الثواني الأخيرة من حياة الطاغية. لا يعتبر ولا يستفيد من دروس التاريخ ومن تجارب السابقين. ولم نجد في التاريخ من كان أكثر جبروتاً وطغياناً من فرعون موسى، ورغم ذلك، أخزاه الله وأنجاه ببدنه، ليكون آية وعبرة لمن بعده. لكن كم من أتوا بعده، اعتبروا بقصته أو سيعتبرون؟!