16 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن استقبال الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي لرئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية، يعتبر نصرا كبيرا لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، منذ نجاحها في انتخابات 2006، إذا ما أخذنا بالاعتبار حجم الضغوط والمضايقات التي كانت تتعرض لها الحركة ظلما وعدوانا، هي وباقي أهل القطاع البالغ عددهم مليون ونصف إنسان على يد زبانية النظام المصري السابق حسني مبارك ورئيس جهاز استخباراته عمر سليمان الذي توفي قبل عدة أيام. فالأخير كان يتلذذ باضطهاد وتنكيل حركة حماس تماماً، كما كان يفعل بحركة الإخوان في مصر. كما لا يخفى أيضاً الدور المصري المتواطئ مع العدوان الإسرائيلي على غزة، نهاية العام 2008وبداية العام 2009 في ضرب الشعب الفلسطيني في القطاع، لا لشيء سوى الرغبة الدفينة للنظام المصري السابق بتنفيس احتقانه على حركات الإسلام السياسي وعلى رأسها حركة الإخوان بأصلها وفرعها الفلسطيني. انهيار ما سبق، يعطي حركة حماس زخما وحماسة لبناء علاقات جديدة، وفتح صفحة بيضاء مع مصر، كلها أمل وتطلعات. ولعل الزيارة التي قام بها هنية إلى القاهرة، وهو يتأبط عشرات المشاريع لبناء شراكة مصرية فلسطينية ترفع الحصار عن القطاع وتبني مؤسسات مشتركة لتحريك الاقتصاد الفلسطيني والمصري على السواء، قد تعود بالنفع على كل من البلدين، لكن الخوف كل الخوف أن تتحول هذه المشاريع، في حال وافقت عليها مصر، إلى سلخ قطاع غزة عن الضفة الغربية، ورفع المسؤولية عن كاهل الاحتلال الإسرائيلي وإراحته من عبء الاحتلال سياسيا وأخلاقيا أمام المجتمع الدولي. ولعل من حسنات النظام المصري السابق، وما أقل حسناته، أنه لم يسمح ليوم واحد أن تستقل غزة عن الضفة. وهذا لا يعني بالضرورة عدم الاعتراف بأن غزة حررت بسواعد مقاوميها أبدا. إذ إن قلقنا اليوم ينصب على الوقوع في فخ المخطط الإسرائيلي الرامي إلى ضم غزة إلى مصر، وإلحاق الضفة الغربية بالأردن وهو مشروع قديم جديد. نعلم يقينا أن حماس مدركة تماماً، ومتنبه للمشروع الإسرائيلي، آنف الذكر، لكن أحيانا ضغط الحصار، والرغبة في بناء القطاع، قد تدفع القائمين على القطاع، حالهم كحال من يحكم مصر اليوم، الوقوع تدريجيا في مخطط ربط القطاع اقتصاديا واجتماعيا بمصر. وهذا بطبيعة الحال سيعقد المشهد الفلسطيني أكثر من ذي قبل. ولعل الأنسب في المرحلة الحالية هو رفع الحصار من الجانب المصري، واستعمال مصر ما لديها من نفوذ، ليس في سبيل منح القطاع رئة اصطناعية يتنفس منها، بقدر تحريك ملف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي على قاعدة دولة فلسطينية بحدود 67. لأن من شأن ذلك العمل للقضية الفلسطينية بشكل شامل ومعمق وطويل الأمد من ناحية، والقضاء على الانقسام الفلسطيني الحاصل منذ العام 2006، الذي، ولا شك، سيتعمق أكثر، إذا ما مالت مصر لصالح حماس على حساب الشريك الآخر في القضية وهو فتح. المطلوب اليوم من مصر رفع الظلم والجور، وتصحيح المسار التاريخي مع قطاع غزة، لكن ليس على حساب القضية، وليس بناء على العلاقة الأيديولوجية بين الإخوان وحماس. إذ ليس من الإنصاف أن تميل مصر الثورة لصالح فريق فلسطيني دون آخر حتى لا تقع بنفس السياسة التي اعتمدها النظام السابق، لأن الخاسر ستكون القضية بلا شك. من هنا نرجو ألا تكون دعوات حماس لبناء مشروعات مشتركة على الحدود المصرية الفلسطينية من شأنها تعزيز الانقسام وإراحة المحتل من تبعات الاحتلال في المحافل الدولية.