11 سبتمبر 2025

تسجيل

اللواء محمود شيت خطاب (1-2)

28 يونيو 2016

بدأت صفحات عمره في مدينة الموصل و هي بلد إبن الأثير وأبي تمام والبحتري و غيرهم من العلماء و الأفذاذ الذين قادوا الفكر العربي الإسلامي ردحاً طويلاً ولا يزال تأثيرهم في العلم والأدب و اللغة واضحاً حتى اليوم.كان والده يحمل شهادة العالمية في الدين و إن لم يتخذ الدين مهنة وكان يتخذ من التجارة و الزراعة عملاً، ولكن بيته كان ملتقى العلماء والأدباء كل مساء، حيث يتناقشون في الأدب و التاريخ و الحديث و السيرة النبوية و الفتوحات الإسلامية. لقد كان والده يأمره – وهو صبي يتخطى العاشرة بقليل – أن يقرأ للحاضرين وهكذا نشأ بين الكتب الدينية والتاريخية والفلسفية و هكذا عاش طفولته و صباه بين العلماء قارئاً و متعلماً. وقد كان أبوه حريصاً أن يصقل لغتة العربية إلى جانب الكتب التي يتلوها أمام الزوار في الديوان، و لذا كان يتلقى دروساً في النحو والصرف وعلوم اللغة خلال الإجازة الصيفية.و في عام 1935م تم إعادة فتح الطريق الذي يصل إلى بغداد و المدينة المنورة ولكن الناس ظلت تهاب السير فيه، ورأت الحكومة أن تشجع الناس فقررت إيفاد بعثة لأداء فريضة الحج مكونة من التلاميذ وأساتذتهم ليكون سفرهم بهذا الطريق و دعوتهم خير دعاية للطريق الآمن وكان الطالب محمود شيت خطاب واحداً من هؤلاء الطلاب، و كان لهذا أثر حاسم في تكوين شخصيته.وصدفة لعبت دورها في حياة اللواء محمود شيت خطاب و غيرت مجرى حياته ففي عام 1939 م طلبت كلية الحربية دفعة جديدة و كان محمود يومها في الموصل فوجد أن أكثر أصحابه سافروا إلى بغداد فقرر أن يلحق بهم رغبة في مشاهدة معالم بغداد أكثر من رغبته في الالتحاق بالكلية الحربية ولكنه فوجئ بأنه كان أول المقبولين. وتخرج من الكلية الحربية 1938م وعين بسلاح الفرسان، و على الرغم من أنه كان برتبة ملازم إلا أن قائد الكتيبة اختاره للعمل كأركان حرب الكتيبة متوسماً فيه الحماس والنشاط والثقافة. وخاصة الثقافة الدينية و التاريخية واللغوية. وفي عام 1941م قامت الثورة في العراق ضد الإنجليز وفي إحدى ليالي الثورة قرر قائداللواء المشاركه في مهاجمة مدينة الفالوجة وكذلك فعل محمود شيت ففوجئ بقنبلة انفجرت في عنقه ومزقت صدره ووجهه ورجليه ويديه.. تحول إلى كتلة من الدم والشظايا، وأيقن الجميع أنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة بين لحظة وأخرى، ولكنه نجأ بأعجوبة، ليزداد إيماناً بعظمة الله تعالى، فكم من روح صعدت إلى بارئها إثر اصابة صاحبها بطلقة واحدة، ولكن محمود شيت خطاب أصيب بقنبلة مباشرة في صدرة وعنقه ثم نجا من الموت ولم تؤثر هذة الحادثة في معنوياته أو تبعده عن الجيش، بل أنه التحق بكلية الأركان العراقية عام 1946م، و فور تخرجه عام 1948م التحق بالقوات العسكرية التي كانت في طريقها لفلسطين، وفي عام 1954م اشترك بدورة الضباط العظام ببريطانيا وكان ترتبيه الأول على أكثر من مائة ضابط من مختلف الجيوش العالمية.و عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر 1956م، وكان آنذاك قائد كتيبة مشاة بالموصل وفجأة اجتاحت المظاهرات مدن العراق تهتف لمصر ورفض قمع المظاهرات وعوقب بالنقل إلى منصب إداري.و بعد ثورة 14 تموز 1958م، وانحراف قائدها عبد الكريم قاسم قرر وإخوانه إزاحته من الحكم فكانت ثورة الشواف -التي أخفقت- حددت إقامته في مسكنه. فتفرغ محمودشيت للدراسة وكتابة سير قادة الفتح، 14 نوفمبر1963م وقضى على قاسم وأصبحاللواء محمود شيت خطاب وزيراً، ولكنه تنحى وعاد للكتابة.