23 سبتمبر 2025
تسجيلعند ترتيب الأولويات في تقييم الأحداث في الاقتصاد أو في السوق وما هو دور الحكومة وما هو دور قطاع الأعمال ما هو دور الأفراد ودور المؤسسات؟ يحدث الحوار ويقدح الفكر في إيجاد الإيجابات التي تمكِّن من ترشيد القرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي، هذا الجسر بين أفراد المجتمع وعبوره للتفاهم وقبول الإجراءات وتفهم السياسات يقوم على معايير دفينة في النفس الإنسانية تعتمد شعور الفرد وإحساسه بالواقع، وكما قيل إن المنطق لا يعدو كونه خادما للمشاعر مفسرا ومبررا لها، تزاحم الأفكار وتلاقيها هي حالة البحث الدائم عن الحقيقة، ما هي الأغنية الراقية أو الأغنية الجيدة؟ هي تلك الأغنية التي يفضلها المستمعون، ماذا ستقدم الإذاعة ما يطلبه المستمعون؟ تبحث وسائل الإعلام عما يستسيغه المستمع والمشاهد، إذا المعيار واضح، حكم الفرد في الأساس وكلما كانت هناك مجموعة أفراد أكبر تفضل نمطا معينا يغلب ذلك النمط على بقية الأنماط، لا يستطيع في الأغلب أحد صياغة موضوع في غياب المستهلك وفرضه عليه، مجاراة ذوق وطبيعة المستهلك البوصلة الأساس في سلوكيات الأفراد والمجموعات، من الشعر إلى السوق هي ما يفضله المستهلك وكذلك في السياسة من خلال الاقتراع وتفضيل مرشح على آخر، هذا المعيار هو الأهم في الأعمال وكلما كان المستهلك دقيقا في خياراته كلما كانت مؤسسات الأعمال قادرة على المنافسة والتفوق والريادة، فمن أجل إرضاء المستهلك لابد من تحسين جودة المنتج وتحسين الخدمات وخفض التكاليف وتقديم الخدمة بأدنى الأسعار لكي يقبل المستهلك، المجتمعات الغربية مؤهلة بطبيعتها لاستيعاب هذا الدرس، لكن هل المؤسسات الشرقية قادرة أو متفوقة على مؤسسات الغرب؟ الفردية حاضرة وبقوة في المجتمعات الغربية وتقصي ذوق ومشاعر الأفراد الشغل الشاغل لمن يقدم منتجات و/أو خدمات للمجتمع من السياسيين إلى قطاع الأعمال ومن التقنيات الحديثة إلى المتاحف تهتم بما يفضله الأفراد، من الديمقراطية إلى الشورى. ترك القرار للذوق العام المرتكز على ذوق الفرد من المعلقات إلى أم كلثوم، من يفضله إحساس ومشاعر الفرد يكون هو الغالب في الفضاء العام، ونرى اليوم المنصات الاجتماعية تأخذ هذا المفهوم الأساس بشكل حي ومباشر وتلقائيا بواسطة الذكاء الآلي القادر على ترتيب أولويات البرمجة أولا بأول وتفضيل ما يتابعه الأفراد بشكل مستمر وتتوقع ما يستسيغه من يلتحق بالبرنامج فتوجهه وإذا لم يتجاوب تبعته لتعرف مزاجه وما يفضله ومن أول نقرات ومتابعة توجه المحتوى له فإن أعجبه شيء رتبت له مجالات المتابعه وعند كل تغير تواكبه في تغير المزاج فعملية الرصد والتكيف مستمرة وتلقائية والذكاء الآلي لا يكل ولا يمل ولا يتساءل ولا يحكم بل يتفانى في خدمة المستخدم، وكلما كان هناك لوغاريتمات قادرة على القيام بهذا الدور بشكل أفضل انتقل المتابعون والأفراد لها وكانت لها الغلبة، فنرى من فيسبوك إلى تيك توك إلى تويتر كلها تعمل تحت مفهوم تفضيل الأفراد لخدمة أو منتج، وحالة البحث هذه هي نظام الحوافز بالنسبة لكل من أراد النجاح، السيارة المفضلة، الخدمة المفضلة، المتحدث المفضل، الفيلم وغيرها من دروب الحياة، من يحدد هو الفرد، هل التعليم يقوم بذلك اليوم أم لا يزال تحت وطأة إرث الماضي؟ التعليم هو المطالب الأول بمواكبة المزاج العام، لأن التغير والتحول في كل مناحي الحياة يشكل الوعي الجمعي والمزاج العام، فالتقنيات وما يصاحبها من سلوكيات وعلاقتها بالواقع يفرض على البرفيسور والمعلم ومن يخطط للمناهج أن يكون ما نقدمه للطلبة مستساغا في قالب علمي متطور وحديث، فالمعرفة وإن كانت في الماضي ولتطورها تحتاج قرونا فهي اليوم تحتاج ساعات وتسارع التغير والتطور لا يهدأ، التعليم لا بد أن يسبق هذا التطور ليبقى نافعا مفيدا وذا صلة بالواقع اليوم ليخرج الطالب صانعا ومشكلا للمستقبل.