11 سبتمبر 2025
تسجيلالاقتصاد المصري على مفترق الطرق بعد أن شهد أسوأ حالة ضعف في السنوات الثلاث الأخيرة والأرقام لا تكذب ولا يمكن أن نكذبها، ولعل الرئيس الجديد يكون لديه من البدائل والبرامج ما يقيل الاقتصاد من عثرته، حتى تقف مصر على قدميها قبل أن تنطلق في مسيرة الإصلاحات التي يفرضها صندوق النقد الدولي، وما أدراك ما هي شروط النقد الدولي التي اعتقد أن الإدارة المصرية تفكر في الالتزام بها أو بعضها الآن، وهي تضع مسودة ميزانيها الجديدة 2014/2015 ، التي سيتم إقرارها بعد الانتخابات الرئاسية، بزيادة الإنفاق بنسبة 10% عن العام الحالي وبقيمة تصل إلى 113 مليار دولار من إجمالي الإنفاق العام، إلى جانب 5.6 مليار دولار قيمة خفض الدعم عن الطاقة، ولا شك أن تلك الميزانية سوف يصطدم بها الرئيس المنتخب الذي يريد في بداية رئاسته أن يدعم شعبيته بين جماهير الشعب الذي يكتوي غالبيته من لهيب الأسعار في ظل مستوى الدخل المنخفض ، ولم يجد أمامه من الخيارات سوى الموافقة عليها ، ومن ثم مد يده للصندوق، أو تأجيل تلك الإصلاحات مؤقتا استنادا على حجم الدعم المالي الخليجي والدولي المتوقع ، الذي يمكن الحصول عليه مع بداية الفترة الرئاسية ، وكذلك إمكانية الحصول على قروض من مؤسسات إقليمية ودولية أخرى، وبخلاف ذلك لابد للحكومة أن تشرع بتنفيذ حزمة ثانية لحفز الاقتصاد، تشمل تخفيض الدعم واتجاه البنك المركزي لرفع سعر الصرف الرسمي، وكذلك من خلال إطلاق بالونات اختبار برفع أسعار المياه لشرائح استهلاك معينة، وكذلك رفع سعر استهلاك الغاز الطبيعي بالمنازل والاستهلاك التجاري، لتهيئة المناخ للوصول إلى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، حتى في ظل تناقض تصريحات المسؤولين من الوزراء والمختصين بشأن مدى حاجة مصر لمساعدة صندوق النقد الدولي من عدمه، لمواجهة نقص السيولة اللازمة لتمويل المشروعات وتغطية الواردات ومتطلبات إنتاج المصانع, وأن تعتمد أجندة الإصلاحات على إلغاء الدعم للأغنياء وبخاصة في مجال الطاقة المستخدمة في المصانع، التي تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية في السوق المحلي، وتصدر الدعم للمستهلك الخارجي، وأن يتم ذلك بعيدًا عن شروط وأجندة صندوق النقد الدولي، لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية سلبية، لا تتناسب وطبيعة الأداء الاقتصادي والاجتماعي الحالي الذي لم ينفصل عن الاحتقان السياسي المحتدم في الشارع المصري، ومن ثم لابد أن تكون هناك خطط لإعادة هذا الدعم للمستحقين وكذلك لترشيد الإنفاق العام بخطى سريعة تتناسب مع مشكلات مصر، التي تعاني من ديون تفوق 1,7 تريليون جنيه، ونقص حاد في مستوى الاحتياطي النقدي ، وعدم القدرة على تعويض ذلك في المدى القريب، حيث يرتبط ذلك بالقدرة على العمل وزيادة الإنتاجية، وفق رؤية واضحة تعتمد على الشفافية والإرادة السياسية القادرة على تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية تدريجيا، وتعبئة الموارد المتاحة المادية والبشرية وحسن توظيفها، للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية القائمة، وهي تحديات اقتصادية بالجملة تواجهها مصر، وستقع على عاتق الرئيس الجديد لإيجاد حلول مناسبة لها، بداية من زيادة الناتج المحلي إلى أكثر من 7% حتى موازنة عام 2017 - 2018، وأيضا خفض عجز الموازنة إلى 8.5%، إضافة إلى تخفيض نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي إلى 74.5% خلال الفترة ذاتها، ناهيك عن ضرورة تخفيض معدل البطالة إلى 8% من المعدلات القياسية الحالية عند 13 أو 14%، بالإضافة إلى استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل خاصة من الشباب، باعتباره خط الدفاع الأول للخروج من الفقر وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهو ما يتطلب بالضرورة رفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى تدريجيا، حيث إنه من المتوقع زيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى نحو 2ر3%، وهي أقل من نسبة النمو التي تستهدف نموا ما بين 4% و4.5%... وكذلك خفض عجز الموازنة لتحقيق الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي على المدى المتوسط، واستعادة الثقة في الاقتصاد المصري، وهو ما يخفف من أعباء خدمة الدين عن الأجيال المقبلة، ويوفر مزيدا من الموارد التي توجه للإنفاق التنموي، الذي تحتمه الأوضاع الاقتصادية المتردية، التي إذا استمرت ستكلف مصر وأبناءها المزيد من العناء بعد أن تغرق في بحر من الديون.