17 سبتمبر 2025
تسجيلالانتخابات ديانة تعني أن الإنسان يمارسها لصلاح دنياه وآخرته، والانتخابات سياسة تعني أن المهم هو الفوز في الدنيا وإن خسر الإنسان آخرته وفي كل دساتير العالم فهو حق وليس واجبا، وهناك بعض الدول تفرض عقوبة رمزية لمن يتخلف عن الانتخاب بهدف حشد الناس للمشاركة الانتخابية، الانتخاب ديانة يجعل الإنسان لا يختار إلا الأرضى لله، والأصلح لما يُنتخب له، بحيث يدع وراءه ظهريا اعتبارات الانتماءات الحزبية، والعصبية القبلية، والأهواء الشخصية، والحملات الإعلامية، ويصفو قلبه لله تعالى، ويشهد الله على نفسه أن لن يختار لبلده إلا لله تعالى أصلح الناس كما قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (النساء: 135)، فالآية تدعو المؤمنين إلى معالم وأسباب الاختيار، وهي التزام القسط وهو العدل وأن يكون الاختيار لله تعالى ، ولو كانت هذه الشهادة على النفس أو الوالدين أوالأقربين، وسبحان الله تعالج الآية من يختار على أساس الغنى والثروة من الأغنياء لأنه سيحافظ على نفوذهم المادي أو له دعايات أكثر في الشوارع والطرقات أو الفضائيات أو الجرائد والمجلات، أو التعاطف من المرشحين الفقراء لأنهم سوف يواجهون أو يسحقون الأغنياء لأجلهم، أو يسعون لتكوين تيار ضد البرجوازيين الأغنياء فيقول سبحانه: "إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا" (النساء: من الآية 135)، أي لا تنتخبوا لأي معيار مادي بل تنظر لكفاءة المرشح نفسه، هل هو الأرضى لله؟ وهو الأصلح لما يُنتخب له أم لا؟، ولا تقف الآية ديانة عند هذا الحد بل تقتلع بذور الهوى والميل المريض نحو مرشح أقل صلاحا وقدرا أو لا يصلح بتاتا فيقول تعالى: "فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا" (النساء: من الآية 135)، وهو نَهي أن يكون الاختيار سياسة لا ديانة، وجورا لا عدلا، وعصبية لا تجردا، وحياء لا حزما، وطلبا لحظوة، لا عونا وتضحية لأجل بلدنا وأمتنا، ولا تختم الآية ديانة دون الوعيد من الله في قوله تعالى: "وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" (النساء: من الآية 135)، واللَّيّ والإعراض صفة رديئة حيث يكون الحق أمام ناظريك ساطعا أبلج كالشمس في رابعة النهار، فتحتار وتختار لغير وجه الله الواحد القهار، فتتضاعف الأوزار، ويزداد التراجع والانهيار، وتعلو كلمة الأغرار، ويتكالب حزب الأشرار، علانية أو من وراء ستار، ويتضاعف مكر الليل والنهار، لجني ثمار التدليس والتلبيس، ودفع فاتورة المساندة بلا أحقية، وتلك لعمري خيانة بل قاصمة الظهر لكل من ثار، وقدم الدم سخيا شهيدا أو جريحا أو مرابطا حتى تشرق على بلده شمس الحرية والعدالة والنهضة والحب والإيثار.الانتخاب ديانة يجعلك تقاطع هذه "المسرحية" الانتخابية، فتنفي العار عن نفسك أن تنتخب من كان يوما ما من بطانة السوء، أو وكلاء الحكام الذين حكمونا بالحديد والنار والسيف البتار، والقتل والسلب والنهب والاحتقار، وقد نهانا الله عن الركون إليهم حيث قال تعالى :" وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" (هود:113)، فهل من وضوح في الديانة على حرمة الاختيار أو الركون إلى الذين ظلموا من الفلول و عملاء الفساد والاستبداد والتخلف والتحلل أكثر من هذا ؟ وقد سُئل الإمام أحمد من رجل: إني أخيط أثوابا للظلمة فهل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال : معاذ الله! بل أنت من الظلمة أنفسِهم. وأخيرا عندما تدخل وراء الأستار لتنتخب سياسة تذكر فورا أن حولك ملائكة تكتب نسخة أخرى للحساب يوم الحساب، فكأنك تسمع قوله تعالى: "بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ" (الزخرف: من الآية 80)، ولا تلبث أن تلحقها بالآية بعد توثيق شهادتك عليك في قوله تعالى: "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ" (الزحرف: من الآية 19).إياكم من الانتخاب سياسة فتشقوا في الدارين: "خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" (الحج: من الآية11)، وقاطعوا هذه الانتخابات، واستمروا في ثورتكم السلمية حتى يعود الحق لأصحابه.