13 سبتمبر 2025

تسجيل

التحالف المدني العراقي

28 مايو 2014

قبل أيام من الانتخابات العراقية، كنت ومجموعة من الأصدقاء العراقيين في حوار حولها واستقراء لنتائجها، أجمعوا – على اختلاف مشاربهم- أن لا أمل للعراق سوى بالمدنية والعلمانية السياسية، وأن القوى السياسية العراقية الحالية الكبرى هي قوى طائفية بلا استثناء، وظهر بين ثنايا حديثهم بشائر أمل بتجمع سياسي عراقي جديد اسمه "التحالف المدني الديمقراطي". "إن حققوا خمسة مقاعد، فذاك نصر كبير"، قال أحدهم بنبرة لا تخلو من اليأس.ظهرت النتائج، ورغم كل ما شابها من شبهات وادعاءات بتزوير فاضح، إلا أن التحالف المدني قد حقق خمسة مقاعد بالبرلمان العراقي، بعد أن حقق سبعة عشر مقعدا في جولة عد الأصوات الأولى، لكن عد الأصوات للمرة الثانية "ضيع" على التحالف اثنا عشر مقعدا برلمانيا. يعيش العراق احترابا طائفيا، وتنخره حالة من الاستقطاب القومي والطائفي والإقليمي، ولكن ورغم ضياع المقاعد الاثني عشر بسبب العد الحسابي الخاطئ، ورغم ضعف القدرات المالية للحملة الانتخابية، ورغم غياب أية مظاهر للدعاية أثناء الانتخابات، فقد حقق التحالف المدني الديمقراطي خمسة مقاعد برلمانية في أول مرة يخوض بها الانتخابات، وهو دليل واضح ومؤشر وضاح على أن العراقي مل التجاذب الطائفي الدامي، واكتشف أن لا مناص ولا خلاص للعراق إلا بعراقيين وطنيين لا تجرهم طوائفهم ولا يتأثرون بخطب الدين السياسي الذي أوصل العراق إلى حالته المؤسفة من انعدام الأمن والخدمات وتلاشي التعايش والتقدم. خاض التحالف المدني العراقي الانتخابات على أساس عراقي وطني خالص، وبدون آلة إعلامية مالية هائلة، استطاع أن يثبت أقدام الوطنية العراقية، وأن يثبت من خلال ترتيبه ببغداد، أو من خلال تشكيلته المتلونة (اثنان من السنة واثنان من الشيعة ومسيحي بدهوك وبغداد والبصرة) أن العراقيين تواقون للاستقرار ولعودة الروح الوطنية العراقية المخلصة التي تتجاوز الطوائف والقوميات إلى عراق أرحب لو قدر له الاستقرار والتعايش لأصبح قوة مزدهرة وهائلة. جرب العراقيون على مدى عقد من الزمان حكم تجار الدين السياسي، فكانت النتائج كارثية ومدمرة، وصار العراق سلعة لطبقة من الساسة المتاجرين بدماء العراقيين وثرواتهم بمبررات مختلفة، فانهارت الخدمات، وسالت الدماء، وتلبدت بالطائفية السماء، وتراجع البلد بكل مؤشرات التنمية والتعايش والاستقرار. لا بديل للعراق سوى بالمدنية والعلمانية، فلن يحكمه الشيعة حصرا، ولن يتحكم به السنة وحدهم، ولا أمل لهم بالتعايش تحت حكم العمائم اللحى، فقد جرب غيرهم، من إيران إلى مصر، فكانت النتيجة وبالا على الإيرانيين، ودمارا للمصريين، وما استمرار مأساة الشعب السوري، إلا لأن الأطراف المتحاربة تستخدم الدين أو الطائفة للوصول إلى السلطة أو للبقاء فيها. ترى! هل نجاح التحالف المدني العراقي بداية لنجاحات التعايش العراقي ضمن دولة مدنية تتعايش فيها الجميع تحت القانون بسواسية؟ قد يكون التفاؤل مبكرا، ولكن قد يكون نجاح التحالف النسبي، مقدمة لمرحلة عراقية مختلفة!