14 سبتمبر 2025

تسجيل

هذه أوّليّات عمر رضي الله عنه فما هي أوّليّاتكم؟ "4 — 6"

28 مايو 2012

وتسير بنا القافلة قافلة الخير والعطاء والمبادرة والسداد والإنجاز واتباع أسلوب التشجيع وإثارة الحوافز، وكان له الحرص الشديد على أن يكون جنوده لهم صفات أساسية يتصفون بها من الإيمان العميق وعدم الالتصاق بالدنيا، وكذلك عدم الإسراف في كمالياتها وغير ذلك، إلى محطات جديدة من أوّليّات الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد، الذي أوقف نفسه وفكره وقوته وعبقريته وموهبته لخدمة الإسلام والمسلمين، وعلى اهتمامه بحوائج المجاهدين وهم على الثغور وفي ميادين الجهاد. وقد كتب رضي الله عنه إلى قائد جنده يقول له: "إذا جاء الربيع فأخرج الجنود إلى المروج ليروا كيف يحيي الله الأرض بعد موتها". فمن أوّليّاته السياسية في السياسة الحربية: أنه "أوّل من أقام المعسكرات الحربية، وأول من أمر بالتجنيد الإجباري، وأوّل من وضع المسالح الحربية على الحدود، وأوّل من حدد غياب الجنود عن زوجاتهم، وأوّل من اتخذ قوات احتياطية منظمة، وأوّل من أمر قواده أن يوافوه بالتقارير المكتوبة المفصلة، وأوّل من دون ديواناً للجند لتسجيل أسمائهم ورواتبهم، وأوّل من خصص الأطباء والقضاة والمرشدين لمرافقة الجيش، وأوّل من أمر بتفضيل المبرزين في الحرب بمبلغ من المال، وأول من خمس السلب، وأول من نهى عن إقامة الحدود أثناء الحرب". أما نحن — ولا نعمم — إذا أنجزنا وقدمنا المبادرة تلو المبادرة، وطرحنا مشاريع حضارية ومؤسسية ونهضوية وتغييرية، ومقابلات صحفية وحوارات فضائية ورحلات وزيارات هنا وهناك، لتحقيق الشهرة، وداء "الأنا" وذكر ونشر الاسم في أرجاء المعمورة، وأصبحت لنا مناصب، ومطلوب في كل مكان — إلاّ من رحم الله — أقمنا الدنيا ولم نقعدها. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "من سامى بنفسه فوق ما يُساوي، رده الله إلى قيمته". فنحن بحاجة أكيدة إلى فقه العمل والتربية والحركة الصحيحة، وفقهٍ جاد للعمل المؤسسي البنّاء المتواصل في هذه الحياة وحركتها، وتعزيز وتثبيت الانتماء الحقيقي، والفاعل للوطن حفظه الله، وبإذن الله تعالى سنجني بعد ذلك الثمار الطيبة والنتائج التي تسر، والخطى الثابتة التي لها أثر في جميع الميادين، وسيرى أثرها وبصماتها القريب والبعيد. ومضة قال علي بن أبي طالب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: "إنا كنا لنرى أن في القرآن كلاماً من كلامه ورأياً من رأيه". وقال رضي الله عنه: "لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته حد المفتري".