27 أكتوبر 2025
تسجيل(1) عندما نتذكر رجال قطر الأوائل والرواد في شتى الميادين، نتذكر تلك الأيام الجميلة بحلوها ومرّها، أيام زمن الطيبين، إنها الفترة التي بدأ المجتمع القطري فيها بالنهوض نحو البناء والعطاء لأجل هذا الوطن الذي نجني اليوم ثمار ما زرعه ذلك الجيل. ليسير أبناء الجيل الحالي على نهج ذلك الدرب بكل أمانة وثقة نحو مستقبل مشرق. ومع بداية سبعينات القرن المنصرم تم تشكل أول مجلس للوزراء بعد استقلال قطر بتاريخ 3 سبتمبر 1971 في عهد أمير قطر الراحل الشيخ أحمد بن علي آل ثاني. حيث جاءت تشكيلة الوزراء عام 11972م في عهد أمير قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني. (2) من هؤلاء الوزراء الذين ابلوا بلاء حسنا في خدمة قطر الأمس سعادة الشيخ جاسم بن محمد بن جاسم آل ثاني وزير الكهرباء والماء الراحل الذي عمل على تأسيس أول وزارة للكهرباء بشكل كان يقوم على الاخلاص في العمل منذ فترة السبعينيات حتى وفاته - عليه رحمة الله - وقد عرف عنه أيضا أنه أحد النماذج الوزارية الفاعلة في تلك المرحلة من مراحل بناء قطر الحديثة. والشيخ جاسم رجل دولة معروف. وهو من مواليد أم صلال محمد عام 1914م. ويعد اول وزير لوزارة الكهرباء والماء في تاريخ قطر منذ سنة 1970م. وظل فيها حتى عام 1989م وهي سنة رحيله. وقد درس القرآن الكريم في صغره. كما تعلم اللغة العربية وبعض المواد في تلك الفترة على يد “الملا حامد“ في منطقة الجسرة بالدوحة (في منزل والده) كما تذكر بعض المصادر. (3) وعلى مدى 20 سنة تقريبا عمل الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني وزيرا للكهرباء والماء، وأنجز كل ما كان يطلب منه في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في دولة قطر، حيث شهدت فترة عمله تحقيق العديد من النجاحات من خلال توفير الحدمات عبر التوسع في الانتاج وبخاصة في الاهتمام بتأسيس مشروع “محطة راس بو فنطاس“ الاسترتيجي لتوليد الطاقة الكهربائية واستخراج المياه العذبة من آبار البحر الجوفية وانجاز مشروع التحلية عام 1977م. (4) عاش الشيخ جاسم بن محمد في مدينة “أم صلال“ في كنف والده الشيخ محمد بن جاسم بن محمد بن ثاني آل ثاني احد ابناء المؤسس. وقد عرف عن الشيخ جاسم تواضعه وطيبة قلبه وأخلاقه الرفيعة وحبه ووفاؤه لأهل قطر في حياته. كما اشتهر بكرم الضيافة طوال أيام السنة ودون انقطاع، وهذا العامل جعل الناس يبادلونه نفس الحب ويترددون على زيارته في المناسبات الاجتماعية وبخاصة في الأعياد وشهر رمضان بشكل خاص. وهي صفات اكتسبها من والده الشيخ محمد بن جاسم شيخ مدينة أم صلال. وعرف عنه أيضا هدوء الطباع ومصافحة كافة شرائح المجتمع دون استثناء، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى كان أيضا محبا للأدب والشعر وحفظ الحكم والنصائح وترديد أشعار العرب القديمة الفصيحة. بجانب ترديده لأبرز أشعار النبط التي كانت شائعة في قطر وربوع الجزيرة العربية من أمثال: اشعار محمد بن عبدالوهاب الفيحاني وابن لعبون والهزاني وغيرهم. وكذلك كان يردد القصص والأمثال الشعبية التي تحث على الكرم والشجاعة والايثار وحب الوالدين ونحو ذلك. فقد كان بمثابة موسوعة في الثقافة والأدب من ذلك الجيل، حيث استهوته القراءة والاستكشاف فقرأ الكتب التاريخية والشعرية وبرع في السيرة الذاتية والتراجم والتراث والبيئة. (5) أما حبه للتاريخ فكان الشيخ جاسم من أهم مصادره، سواء تاريخ العرب القديم أو تاريخ قطر والجزيرة العربية. ومن ذلك تاريخ حياة جده مؤسس قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني - طيب الله ثراه - بجانب حياة والده الشيخ محمد بن جاسم - رحمه الله - كما كان ملما بالحوادث التاريهية وحروب وعزوات قطر السابقة التي عاصرها أو سمع عنها من والده. وساهم في بناء وترميم بيت والده بمدينة الدوحة وهو من البيوت المعروفة ويقع بقرب مصلى العيد بمنطقة الجسرة. أما وفاته فكانت بمدينة لندن البريطانية بتاريخ 29 ديسمبر 1989م عن عمر (75) سنة. وقد دفن في مقبرة أم صلال محمد.. رحمه الله رحمة واسعة. (6) كلمة أخيرة: الشيخ جاسم بن محمد من الشخصيات التي كان وما زال اهل قطر يتذكرونها حتى اليوم نظير ما قدموا من خدمات لا يمكن نسيانها وستظل عالقة في أذهان كافة أهل قطر. [email protected]