11 سبتمبر 2025

تسجيل

شذرات الكبار

28 أبريل 2022

يقال "الشَّذْر: قِطَعٌ من الذهب يُلْقَطُ من المعْدِن من غير إِذابة الحجارة، ومما يصاغ من الذهب فرائد يفصل بها اللؤلؤ والجوهر. والشَّذْرُ أَيضاً: صغار اللؤلؤ، شبهها بالشذر لبياضها". وما كلماتهم إلا شذرات نفيسة وفريدة تُلتقط كما يُلقط الذهب من المعدن من غير تكلف بيضاء ناصعة البياض، هم كتبوها وأتوا بها وصاغوها في مساحات الحياة، فهم القدوات بعد خير الخلق صلى الله عليه وسلم. فهذه شذرات من ذهب لها وزنها وبريقها وأثرها في النفوس لمن فقه معانيها والقيم التي تحمله، فهي من الكبار صُنّاع الحياة رضي الله عنهم ورحمهم الله:- * شذرة من الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما إذ قال "من كان مستناً فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً، واعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم، وطرائقهم، فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا على الهدى المستقيم والله ربِ الكعبة". * وللإمام ابن القيم رحمه الله شذرات نفيسة: - " النفوس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعلمه ولا ينتفع به". - ويوجهنا إلى شذرة في الوابل الصيب فيقول "فمن عوّد لسانه ذكر الله، صان لسانه عن الباطل واللغو، ومن يبس لسانه عن ذكر الله، تَرَطّب بكل باطلٍ ولغوٍ وفُحش". - وتأتيك شذرة جميلة منه رحمه الله "الكسالى أكثر الناس هماً وغماً وحزناً، ليس لهم فرح ولا سرور، بخلاف أرباب النشاط والجِد في العمل". ما أحوجنا إلى من يُعلي شأن الإيجابيات في مساحات الحياة بجوانبها المشرقة! نعم الكل يقدر. * وهذا الإمام الحسن البصري رحمه الله في شذرة بيضاء فريدة وغالية "أعز الأشياء درهم حلال وأخ في الله إن شاورته في دنياك وجدته متين الرأي، وإن شاورته في دينك وجدته بصيراً به". فهل نجد هذا الأخ في زمن الفتن وكثرة المصالح، أم إننا نفتقده فهو عملة صعبة في هذا الزمن العجيب؟!. * وللإمام أحمد بن حنبل شذرة فقهية إذ يقول رحمه الله "كان يقال: من قلةِ فقه الرجل ولعه بالماء". والإمام القدوة محمد بن عجلان رحمه الله له نفيسة في ذات المعنى إذ يقول "الفقه في دين الله إسباغ الوضوء وقلة إهراق الماء". فهل نأتي على هذا المعنى جميعنا في واقع حياتنا سلوكاً وتطبيقاً ومناشدة في ترشيد الماء والمحافظة على هذه النعمة؟!. "ومضة" وهذه شذرة من الصحابي الحليم الأحنف بن قيس رضي الله عنه "عجبًا لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين". والكبر إذا دخل على الإنسان أياً كان أفسد حياته وشتتها وأزعج من حوله. إنها دعوة إلى التواضع بجمالياته، وأن يعرف الإنسان من أين خرج. وما أكثر وما أجمل شذرات الكبار رحمهم الله إنها من الروائع النفائس تصنعُ الحياة في فضائها الواسع الرحيب!.