20 سبتمبر 2025
تسجيلمسيرة حياته الخاصة والفنية تستحق أن يتم تحويلها إلى أحد الأعمال السينمائية أو التلفزيونية لابد من توجيه البحث العلمي في خدمة إبداعات الفقيد وإنجازاته الموسيقية التي خدمت قضايا الأمة بعد أسابيع تحل الذكرى الثانية لرحيل الموسيقار المبدع عبدالعزيز ناصر آل عبيدان (1952 - 2016) ملحن نشيد قطر الوطني. وهي بلا شك ذكرى تحمل في طياتها الكثير من الامور التي تشجعنا على عمل المزيد من الانشطة الثقافية والفنية لتأبين مسيرة هذه الشخصية القطرية الفذة التي عاشت بيننا على مدى 64 سنة في رحلة غير مسبوقة من الابداع في تاريخ الموسيقى القطرية. واذا مرت علينا الذكرى الاولى لرحيله سنة 2017 م فلا شك أن الذكرى الثانية سنة 2018 م سيكون طعمها مختلفا عن سابقتها. وقد راودتني الكثير من الافكار لإحياء سيرة ومسيرة هذا الرمز الوطني الشامخ لتخليد ذكراه في قلوب عشاقه من القطريين والعرب . فيلم أو مسلسل يحكي سيرته ولعل فكرة عمل فيلم سينمائي او طرح احد المسلسلات التلفزيونية من الافكار التي باتت مطلوبة. لكونها تقوم على الدراما المرئية الهادفة للتعبير عن فصول حياته ومسيرته المليئة بالمشاهد المعبرة عن شتى جوانب الحياة التي عاشها عبدالعزيز ناصر بحلوها ومرها. سواء كانت اولا على الجوانب الشخصية من خلال معاناته وكفاحه في هذا الوجود لتقديم افضل النماذج المثالية التي قامت على حب الابداع بجانب الجهود الفردية والتعاون مع الاصدقاء في احياء فن الموسيقى الراقي رغم التحديات والصعوبات التي واجهها طوال مسيرته الابداعية، بجانب الانساني حيث كان متوفرا فيه ايضا – رحمه الله – وهو ما أكسبه حب الناس له والتقرب منهم اكثر فاكثر. كما ان حياة البساطة التي عاشها كانت تقوم على ود الاخرين له وعدم التكلف او التكبر في معاشرتهم عبر عامل الزهد والتواضع في هذه الحياة. وكل ذلك جعل منه شخصية محبوبة لا تطمع في الدنيا ولا تسعى لجلب المال والحصول عليه بأي طريقة كانت وبأسرع وقت ممكن. بل كان العكس هو الصحيح، حيث كان ينفق على اعماله الفنية من جيبه الخاص ومن ثم يقوم بتوزيعها بالمجان على الاصدقاء والاقارب دون مقابل. وكان يختار الوقت المناسب لطرح اعماله الموسيقية لكي تكون مقبولة وتنال رضا الجميع سواء في داخل او خارج قطر. والجانب الثاني المهم يمكن ان يكون عبر أعماله الموسيقية الفريدة من نوعها في تاريخ قطر والخليج تحتاج ايضا الى من يتناولها بشكل درامي ليقدم المعاناة التي كان عبدالعزيز ناصر يعانيها من اجل ان تخرج الى النور بالشكل الانيق الذي يرضي الذوق العام. ويمكن اعداد هذا الفيلم السينمائي او المسلسل التلفزيوني من قبل مجموعة من الاسماء التي عاصرت عبدالعزيز ناصر وكانت قريبة منه من امثال: المسرحي عبدالرحمن المناعي والناقد حسن رشيد والشاعر عبدالله الجابر والشاعر حسن نعمة والمطرب علي عبدالستار والفنان خليفة جمعان والمايسترو عمر الحريري.. وغيرهم . جوانب خافية من مسيرته الإبداعية ولعل صدور سيرته الذاتية في كتاب مستقل في مارس 2018 م لمؤلفه وكاتبه الفقيد عبدالعزيز ناصر يكون هو الزاد الاول والرئيسي في تناول شخصيته وحياته الفنية المليئة بالكثير من الاحداث التي مر بها على مدى مشوار حياته لتكون ضمن الفيلم او المسلسل المقترح. حيث قام بتدوينها وتوثيقها بنفسه في هذا السفر القيم لتكون مرجعا في الغد لكافة ابنائنا الدارسين والمهتمين بمجال الموسيقى والتلحين. لأن عبدالعزيز ناصر مر بمرحلة مهمة من مراحل حياة الموسيقى في قطر، فهو احد اركان الحركة الموسيقية خلال العقود الستة الماضية، منذ ستينيات القرن الماضي وحتى رحيله عن الدنيا عام 2016 م. ولهذا فإن عمل اي مشروع درامي عنه سواء كان سينمائيا او تلفزيونيا – كما هو مقترح - سيكون بمثابة العمل المطلوب والمرحب به في الاوساط الموسيقية والثقافية حيث يأتي في وقت نعاني فيه ندرة في مثل هذه الاعمال التي تخلد مثل هذه الشخصيات واعمالها التي ستبقى عالقة في الذاكرة الوطنية الى الابد في مجال السيرة الذاتية. عبدالعزيز ناصر في مشاريع طلاب الجامعة كما ان تسخير اعمال الطلبة في الجامعات والكليات القطرية الحكومية والخاصة يتطلب التوجه الى تناول اعمال عبدالعزيز ناصر الموسيقية الخالدة في العديد من الدراسات والبحوث والمشاريع البحثية التي هي بمثابة الجزء الذي لا ينفصل عن هويتنا الوطنية وتراثنا القطري الاصيل. وبات من الواجب على هذه المؤسسات الاكاديمية في قطر التوجه نحو تسخير البحث العلمي في خدمة رموز قطر المبدعة في شتى المجالات سواء كانت الادبية او العلمية، ولا شك ان المبدع القطري في مجال الموسيقى والتلحين يستحق ان يكون اول هؤلاء لكي تتعرف الاجيال الحالية والقادمة على اسهامات هؤلاء وما تركوه من بصمات لا ولن تنسى على مر الازمان. عرض مقتنياته ووثائقة للجمهور كذلك لابد من عرض مقتنياته وآلاته الفنية التي كان يستخدمها في تلحين اعماله الفنية، وأوراقه الخاصة، وكذلك نوتاته الموسيقية التي بلغت مئات الاوراق – حسب معلوماتنا - سواء في منزله الخاص او لدى بعض الاقارب والاصدقاء الذين ما زالوا يحتفظون بها. وهذه المقتنيات والوثائق يمكن عرضها في مكان يخصص لها عند مدخل "مسرح عبدالعزيز ناصر" في سوق واقف، لتكون شاهدة على عصر إبداعات هذه الشخصية الفذة التي تستحق منا الاهتمام بإنتاجه الفكري ليراه للناس حتى لا يبقى حبيس الادراج. وهذا سوف يكون جزءا من توثيق تاريخنا لعميد الموسيقيين القطريين ورمزه الاول الذي كافح واجتهد من اجل انتشار الاغنية القطرية منذ الستينيات وحتى رحيله من خلال صنع مجدها لتكون متداولة في كل البلدان العربية. ومن هنا فإن ذلك التوثيق سيكون صنيعا وطنيا مخلصا لوجه هذا الوطن الذي أحبه عبدالعزيز ناصر حتى النخاع. كما ان نشر مثل هذه المقتنيات والوثائق سيكون عاملا محفزا ومشجعا لكل الملحنين الشباب الذين سيكون عبدالعزيز لهم بمثابة "الاب الروحي" في التلحين ليفخروا به وبأعماله الرائعة التي خلدت ذكراه من اجل رفعة قطر. الذكرى الثانية لرحيله في هذه الذكرى التي توافق مرور سنتين على رحليه في سنة 2018 م يبقى إحياء هذه الذكرى علامة مميزة في التنوع بتناول شخصية عبدالعزيز ناضر بصورة مغايرة عن السابق. فهناك الكثير من الجوانب التي قام بها المبدع الراحل ولم يتم توثيقها ودراستها او التطرق اليها بالشكل الذي يوفيه حقه بالكامل نظير ما قدمه من جهود إبداعية في خدمة الأغنية القطرية التي نالت شهرة واسعة في عهده منذ تأسيسه لفرقة الأضواء المسرحية والموسيقية سنة 1866م ومرورا بالتحاقه بإذاعة قطر سنة 1980م وقبلها كان يقوم بتسجيل العديد من الاعمال الفنية التي كان يقوم بتسجيلها في القاهرة ليذيعها بعد ذلك في اذاعة وتلفزيون قطر. حيث ان عبدالعزيز كان يقوم بتسجيل تلك الاعمال الوطنية والعاطفية على حسابه ونفقته الخاصة. وهذ الشيء يؤكد مدى إخلاصه في خدمة وطنه وعدم الاعتماد على الغير في تمويل اعماله الفنية التي نالت احترام كل القطريين والعرب. ولهذا فإن الذكرى الثانية لرحيله تفتح الابواب لتناول شخصيته وابداعاته الموسيقية بشيء من التوسع في الطرح والنقاش لكي ينال حقه من الدراسة والتمحيص ومنح الجميع الفرصة للاطلاع على بعض الجوانب الخفية من حياته بالشكل الذي يلبي طموحاتنا وامالنا لتخليد ذكرى هذا الانسان العبقري . كلمة أخيرة: في كل يوم تكبر قيمة الفنان المبدع الراحل عبدالعزيز ناصر في نفوس القطريين والعرب نظير ما قدمه من جهود خالدة لا يمكن أن تنسى أو تتجاهلها الأجيال، فحبه لوطنه والاعتزاز بعروبته والافتخار بحضارة امته كلها من العوامل المهمة التي يجب التطرق إليها والإشارة إليها بشيء من الإسهاب لكي نقدم هذه الشخصية للمجتمع بالشكل اللائق الذي يستحقه عليه رحمة الله.