19 سبتمبر 2025

تسجيل

وإن أسأتُ فقـوّموني ..

28 أبريل 2015

لم تمض فترة طويلة على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى اختلف المسلمون على من يتولى الأمر بعده صلى الله عليه وسلم ، فحدثت القصة المعروفة في سقيفة بني ساعدة ، الى أن اتفقوا على أبي بكر الصديق ليكون أول خليفة للمسلمين . بعد أن تولى أبوبكر الصديق الخلافة ، قام وخطب خطبة بليغة قصيرة قال من ضمن ما قال :" ... فإني قد وُليتُ عليكم ولستُ بخيركم ، فإن أحسنتُ فأعينوني، وإن أسأتُ فقـوّموني. الصدق أمانة، والكذب خيانة ...". الشاهد من الخطبة البليغة تلك والتي استقطعنا بعضاً منها فقط ، هو أن الصديق رضي الله عنه ، الذي تربى على يد خير المربين والبشر ، ألقى الخطبة وكله ثقة من أنه لن يخرج عن تعاليم المدرسة المحمدية ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وما يساعده على ذلك أن من يتولى أمرهم وشؤونهم ، على مستوى من الفهم كبير ، بحيث يقدر أي أحد منهم تصحيح أي خطأ قد يقع فيه ، وبالتالي هو يدير خريجي مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيهم من هو ربما أعلم منه في الدين ، وأحفظ لكتاب الله وسنّة رسوله. هذه نقطة أولى. نقطة أخرى يمكن استنتاجها من خطبة الصديق رضي الله عنه ، هو تواضعه العظيم ، وهو من هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي قال عنه :" أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي ". رغم هذه المنزلة التي كان عليها عند خير البشر ، لم يتجبر ويتكبر أو يدع للغرور منفذاً الى نفسه ، بل قال :" .. فإني قد وُليتُ عليكم ولستُ بخيركم ، فإن أحسنتُ فأعينوني، وإن أسأتُ فقـوّموني". أي مسؤول أو زعيم كبير اليوم ، من الغرب والشرق على حد سواء ، يمكن أن يقول بمثل ما قال أبوبكر ؟ لا أحد ، إلا أن يكون هذا المسؤول أو الزعيم على نهج أبي بكر أولاً ، ولا أقول بمستوى أبي بكر، ومن ثم يكون هذا المسؤول أو الزعيم على درجة من الصدق وصفاء الباطن والظاهر ما يستطيع أن يقول بثقة ، أنه ليس بخير الموجودين حتى يكون مسؤولاً عليهم أو زعيماً لهم ، ويطلب منهم بكل ثقة أيضاً ، أنه إن حاد عن جادة الصواب ، تقويمه دون خشية أو وجل .. بهكذا نوعيات من القادة والمسؤولين ، وصل الأولون الى ما وصلوا إليه ، وبفقدان تلك النوعيات شيئاً فشيئاً ، وصل المسلمون إلى ما هم عليه اليوم ، ودون مزيد شروحات وتفصيلات !!