17 سبتمبر 2025
تسجيلربما اختار الدكتور التيجاني سيسي رئيس السلطة الانتقالية في دارفور التوقيت الخاطئ ليضيء الإشارة البرتقالية محذرا من (تلكؤ) الحكومة السودانية في الإيفاء بتعهداتها لصندوق إعمار دارفور والبالغة 200 مليون دولار.. وكان سيسي يخاطب البرلمان السوداني بشأن سير إنفاذ وثيقة سلام دارفور، وشدد الرجل على أن المال يشكل حجر عثرة في انطلاق السلطة الانتقالية.. الحكومة السودانية تعيش وضعا حرجا بسبب حربها مع دولة جنوب السودان التي استولت على مدينة هجليج النفطية التي تشكل ركيزة مهمة من ركائز الاقتصاد السوداني.. صحيح أن الجيش السوداني طرد قوات الجيش الشعبي بعد احتلال دام (10) أيام، إلا أن دمارا مريعا أحدثته القوات الغازية في المدينة حيث تم تدمير البنية التحتية لإنتاج النفط بالكامل.. منطقة هجليج تضم حوالي (70) بئرا نفطية تنتج (65) ألف برميل يوميا، أي أكثر من (50%) من كامل إنتاج البلاد البالغ (115) ألف برميل وهو الإنتاج المتبقي للخرطوم بعد انفصال جنوب البلاد في يوليو من العام الماضي.. إذن تواجه الحكومة السودانية مشكلة معقدة، وعليها أخذ الإشارة المضاءة بكامل الجدية حتى لا تتحول إلى اللون الأحمر ومن ثم ينفرط العقد.. سيسي أيضا قال إنه يرفض أن تعامل سلطة دارفور كوحدة حكومية تستجدي المال من وزارة المالية، مع العلم أن وزير المالية أحد أبناء دارفور.. فالرجل يواجه صعوبات تقعده عن تنفيذ المشروعات التي بشّر بها مواطنو الإقليم.. وفي مفارقة تشبه جدلية (البيضة ـ الدجاجة) يقول سيسي إن عون المانحين الدولي والإقليمي في إعمار دارفور مرهون بالتزام الحكومة السودانية بتسديد المبلغ القاعدي البالغ 200 مليون دولار. على الأرض حدث تقدم كبير واستقرت الأوضاع الأمنية لكن لسان حال سيسي يقول ليس بالأمن وحده يعيش إنسان دارفور، فالحاجة إلى المال ماسة وملحة الأمر الذي يلقي مسؤولية كبيرة على الخرطوم والوسطاء ولابد أن يتفق الجميع على حل جدلية (البيضة والدجاجة).. على الوسطاء والمانحين أن يضعوا في اعتبارهم المستجدات التي غلّت يد الحكومة السودانية ولم تكن في الحسبان ومساعدتها على توفير المال اللازم.. النجاح الذي تحقق يحتاج لحراسة وصيانة لتمضي وثيقة الدوحة قدما.. إعلان مسؤول كبير في الأمم المتحدة أمس الأول الخميس أن الأمم المتحدة تنوي خفض عناصر قوة حفظ السلام في دارفور بنسبة تفوق 20%، يشير للتحسن الأمني الذي حدث مما دعا ارفيه لادسو مسؤول عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بتوصية مجلس الأمن الدولي بخفض القوة المشتركة مع الاتحاد الإفريقي بواقع 3260 رجلا من أصل 17 ألفا و700 جندي. قبل حوالي شهرين وفي ندوة سياسة كبرى نظمها الاتحاد العام للصحفيين السودانيين شارك فيها سيسي كمتحدث رئيسي لاحظ الجميع تلك الإرادة والثقة المطلقة التي أبداها الدكتور سيسي فتحدث عن آخر تطورات الأوضاع في دارفور خاصة بعد أن تسلم سلطة دارفور وحينها رسم لوحة دارفورية مستخدما ألوانا رئيسية، هي ألوان السلام والتفاؤل والانشراح.. لكن تحدث الرجل في الوقت نفسه بإشفاق ممزوج بالتحدي موضحا أن مشوار التفاوض كان شاقا إلا أن مشوار إنفاذ اتفاق الدوحة هو الأكثر صعوبة ومشقة.