12 سبتمبر 2025

تسجيل

غربة طائر!

28 مارس 2018

اعتادتْ ذكورُ الطيورِ وعوائلها أن تغادرَ أوطانها في مواسمِ الجفاف عبر رحلات طويلة، خاصة مع ظهور نجم سهيل، تغادرها في أسرابٍ قاطعة مسافات هائلة عبر الصحاري وقمم الجبال العالية والمحيطات؛ لتصل إلى هدفها التي رمت إليه، من بحث عن مناخ جيد أو طعام أو تزاوج للعازبة منها! وتتنوع الطيور المهاجرة في مهامها أثناء هجرتها أو حين حط رحالها، لكن جميعها تشترك في حبها لإناثها وفراخها وخدمتها لمكان رسوها لبناء أعشاشها، فتعتمد إيجاد الكفافِ لكسب معيشتها، وما يشغلها حقًا بقاؤها مع من تحب. إلا أن هجرة هذه الطيور أو (الطرش) كما يحلو لكثيرين تسميتها، ينتظره عشاق وهواة صيد الطيور من ذوي الطباع السادية بفارغ صبرْ؛ صيدٌ يستغل حاجتها في البحث عن كفاف العيش، فيصيدها القناصة دون حاجة منهم لسدِ جوعٍ أو كساءِ ريش، مقزمين لمشاعر ذويها. صيدٌ يفرق الجماعات، أو قل يمهد لتفريغ الراحة والاستقرار في ذواتهم، فيتعايشون بألم الفقد وهم مجتمعين، وألم الموت وهم أحياء؛ حياة هجرة وشقاء وانتظار لساعة قنص تعجل بشقاء من تعول من فراخ وأفراد أخرى تتبعها، وهم بدورهم سيصبحون فريسة للضواري وذوات المخلب والناب. كل ما نراه في حال طيرانها، أنهم أفواج وأسراب؛ فيأخذنا المنظر بجمال تكوينها ولا ندري أي هموم تعتلي تلك الأجنحة الطائرة؟! إلا أن اختلاف مناخات الأرض، أوجد عذابات أخرى تواجهها ذكور هذه الطيور فقلة الزاد وتقلب الأجواء والخوف على حياة ذويها، جعلها تنتهج سلوكًا مخالفًا لفطرتها، فبدل أسرابها العائلية والتي تعطيها القوة في مواجهة صعاب الحياة بين إناثها وفراخها، بدأ ضعفها بعدما اختارت مجبرة تركهم في أوطانها، لعل أرزاقهم من حصاد الأرض القاحلة هناك تشبع أكبادهم السقيمة! أما هم فعليهم الطيران في أسراب من الذكور فقط، بأجساد دون أرواح وأفئدة، متجهة لأوطان بعيدة؛ يموت فيها من يموت و يحيا من أراد الله له حياة يترزق فيها، ويجمع غلةً يعود بها إلى من يعول، هذا إن عاد إليهم حيًا من بين أضراس الجوارح و القناصة.