20 سبتمبر 2025

تسجيل

إلا مركزية عمر

28 مارس 2016

بالأمس دار الحديث حول أسلوب خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أبوبكر الصديق وهو يدير الدولة بعد النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -. وقلنا إن الغالب على أسلوب إدارته كان التفويض، يعطي خطوطًا عامة لأمرائه وقادته ويترك لهم صلاحية التنفيذ والقيادة وفق تلك الخطوط أو المحددات.أما أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -، فقد اختلف عن الصديق تمامًا بعد أن تولى الخلافة، فقد اشتهر بتطبيق الأسلوب المركزي الشديد في الإدارة والقيادة، فقد كان يوصي ولاته وأمراء البعوث والجيوش وغيرها باتباع تعليماته بدقة، وعليهم في كثير من الأمور الرجوع إليه قبل الشروع في الأمر، وهو ما قد نراه اليوم صعبًا في عالم الإدارة وربما يسمى البعض هذا الأسلوب بالديكتاتورية.لكن حين التأمل في أسلوب الفاروق - رضي الله عنه -، نجد أنه لم يكن بالطبع ديكتاتورًا بالمعنى المتعارف عليه اليوم، ولكن لشدة حرصه ألا يضيع حقٌ لله ولا لمسلم أو الدولة أو أن يتحمل وزر أحد يوم القيامة، أصبح دقيقًا في متابعة أعمال المسؤولين بالدولة بنفسه، يريد بذلك الاطمئنان إلى أن الأمور كلها تسير وفق شرع الله، وهو يدري أن ولاته وقادته من خيرة الصحابة ومن مدرسة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكن مع ذلك كان يتابع التفاصيل بنفسه، رغم أن هذا الأسلوب أتعبه كثيرًا بدنيًا ونفسيًا، لكن ما اختار ذلك الأسلوب إلا لعلمه أنه الأصلح له والمتوافق مع طبيعته.لا أنادي ولا أقول بالديكتاتورية والمركزية الشديدة في الإدارة، ولكن إن كان من بيننا من هو عمر الفاروق، فلا بأس بها، بل مرحبًا بالمركزية العُمرية، فإنها هي المركزية التي دكت قلاع وحصون وممالك الروم والفرس، وكانت دولة الإسلام في عهده، مُهابة الجانب، جليلة الشأن، وكان هو نفسه، شخصًا لم يتكرر إلى اليوم، وإن كنت لا أدري عن الغد أو المستقبل، القريب منه أو البعيد.