16 سبتمبر 2025

تسجيل

ألم تصلوا إلى القاع بعد؟

28 فبراير 2018

بالرغم من كم الانحدار الأخلاقي والسياسي الذي أبداه المسؤولون في دول الحصار تجاه قطر منذ بداية الأزمة في مايو الماضي، إلا إنّهم لم يصلوا إلى القاع بعد على ما يبدو. لا عجب في أن يظهر حالهم على ما هو عليه من قصور ومراهقة، فكبار القوم هناك مجموعة من الهواة ممن لا يمتلكون أية كفاءات، يتصدرون المشهد تحت مسمى مستشارين وليس لهم من الأمر نصيب، يعبثون بمصائر الدول والشعوب دون حسيب أو رقيب. لقد وضع سمو الأمير -حفظه الله- النقاط على الحروف في كلمته التي ألقاها في مؤتمر ميونخ للأمن مؤخراً، وأكد مجددا مدى نضج ورصانة السياسة الخارجية للبلاد، وقد سمعتم الرد السلبي على المقترحات البناءة التي قدمناها. لقد باتت دول الحصار تخشى مبادراتنا أكثر من أي وقت مضى، وما أفادهم التكبر بشيء، فقد عزلوا أنفسهم بدلا من عزلنا. التخبط سمة أساسية لمسؤولي دول الحصار، ينفون أن يكون هناك مؤامرة للاعتداء علينا، لكن مستشاريهم يعيدون تغريدات تدعو إلى ضرب قطر. يقولون إنّ قطر مسألة صغيرة، لكنهم لا ينفكون يتحدثون عنها في كل شاردة وواردة. كلامهم رديء، ومستواهم هابط لدرجة تزكم الأنوف. يحاولون التقليل من شأن قطر وما أدركوا أنهم بذلك يقللون من شأنهم وشأن دولهم التي ما عاد لها وزن في العالم العربي والإسلامي. ليس هذا ما نقوله نحن بقدر ما تقوله الشعوب عنهم. لقد أفلحوا في عزل أنفسهم عن محيطهم العربي والإسلامي وعن عمقهم التاريخي والحضاري. حتى الدول الإقليمية التي كانت تقف إلى جانبهم إلى وقت قريب، باتت تشعر الآن بخطر تخبطهم على وضعها الداخلي والإقليمي. كم من دولة إقليمية ابتعدت عنهم مؤخراً لكي لا تضطر إلى أن تخضع لابتزازات مبتذلة، وسياسات مراهقة، واتجهت إلى دول أخرى تثق بها وتقدر موقفها؟. انشغال دول الحصار بقطر لم يأت من فراغ، وإنما من قاعدة شهيرة تقول إن من يعاني من مشاكل داخلية صعبة ومتفاقمة، يجد حاجة ماسة للفت انتباه الناس إلى موضوع خارجي. ولذلك فهم يتخذون من قطر شماعة لتحويل الانتباه عما يعانون منه من مأزق تاريخي في تأمين انتقال سلمي وناجح للحكم، وفي الحيلولة دون الإفلاس الاقتصادي مع تراجع أسعار النفط. وبدلا من الانشغال بالأمور المصيرية، ينشغل مسؤولو القوم هناك بحياكة الدسائس، وشراء الذمم بمئات المليارات من الدولارات، وافتعال الأزمات والمشاكل الإقليمية. ولا يتوانون كذلك عن التهجم على قطر، لعل ذلك يشغل العامة عن التدهور الداخلي الذي يتسببون به على مختلف الأصعدة. ورغم تبجحهم وتباهي بعضهم بحجمه الكبير، تراهم يفشلون في كل مؤامراتهم، وما ذلك عنهم بغريب. لو عاد الأمر لخصوم دول الحصار لما استطاعوا أن يفعلوا ما يقوم به مسؤولو دول الحصار بأنفسهم وبدولهم.  فالجهل سلاح خطير، وعقدة النقص تملي عليهم ما لا يدركه عاقل، وما يزالون ينحدرون إلى القاع وما عرفنا إلى أين يمتد قاعهم، إلا إنّنا نعلم تماما أن الأولى بمسؤولي دول الحصار الاهتمام بوضعهم الداخلي، لأن ما يجري من حولهم ليس بعيدا عنهم وليسوا محصنين من تبعاته، وانحدارهم في التعامل معنا لا يمكن أن يجنبهم تداعيات ذلك. نحن ماضون في مسارنا وقد خرجنا من الأزمة أقوى مما كنا عليه سابقا، وستبقى قطر شامخة عزيزة، وسنبقى فخورين دوماً بما أنجزته قيادتنا وشعبنا وبلدنا رغم أنف من يحاول عرقلة تقدمنا.