18 سبتمبر 2025

تسجيل

العرب بلا إسلام

28 فبراير 2017

مما جاء في كتب التاريخ أن أحد قادة الفرس وهو الهرمزان، جاء أسيراً عند أمير المؤمنين عمر، الذي كان نائماً، فحدث أن صار لغطٌ وارتفعت الأصوات بالمسجد حوله ومعه، حتى قام عمر من نومه، ثم نظر إليه فقال: الهرمزان؟ قالوا: نعم، فتأمله وتأمل ما عليه، وكان يلبس الديباج والذهب المكلل بالياقوت واللآلئ. قال: أعوذ بالله من النار- لأنه اعتاد أن يستعيذ بالله من النار إن رأى أو سمع شيئاً عن المجوس- فقال: الحمد لله الذي أذل هذا وأشياعه. يا معشر المسلمين، تمسكوا بهذا الدين واهتدوا بهدي نبيكم، ولا تبطرنّكم الدنيا فإنها غدارة، فقيل له: هذا ملك الأهواز فكلمه، فقال: لا، حتى لا يبقى عليه شيء من حليته، ففعلوا وألبسوه ثوباً عادياً، فقال له عمر، يا هرمزان: كيف رأيت وبال الغدر وعاقبة أمر الله؟ فقال: يا عمر، كنا وإياكم في الجاهلية. كان الله قد خلّى بيننا وبينكم فغلبناكم إذ لم يكن معنا ولا معكم، فلما كان معكم غلبتمونا. فقال عمر: إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا. وضع الفاروق النقاط على الحروف في جملة واضحة لا ريب فيها، إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا. وقد قالها من ذي قبل جعفر بن أبي طالب في حضرة النجاشي ملك الحبشة، حين دعاهم للمناظرة مع فريق الشرك، وكان يومها داهية العرب عمرو بن العاص يمثله، وبيّن جعفر للملك النصراني حقيقة ما كان عليه العرب قبل وبعد الإسلام، وسنأتي لهذا بالغد إن شاء الله في تكملة موضوع اليوم. الشاهد من الحديث أن العرب مقارنة بغيرهم من الأمم قبل الإسلام، لم يكونوا ذي شأن، ولم يكن ليلتفت إليهم أحد، لا الروم ولا الفرس ولا الأحباش ولا أمم الصين والسند وغيرهم من أمم وحضارات البشر حينذاك، بل لم يوجد أي سبب يدعو تلك الأمم لتلتفت إلى قبائل العرب المتناثرة يومها في أنحاء الجزيرة، إلا إن كانت لهم مصلحة. حتى إذا جاء الإسلام، كان هو العامل الرئيسي الذي وحّد الشظايا المتناثرة في أرجاء جزيرة العرب، ولعبت لغتهم الفصيحة في هذه الوحدة، وهذا التماسك، وأعانتهم تماماً على فهم الدين كما جاء من عند الله، فكان لهم بالتالي، التأثير القوي على الغير وفي فترة قياسية في عمر الأمم والحضارات. ولحديثنا هذا بقية نكملها بالغد إن شاء الله تعالى.