19 سبتمبر 2025
تسجيليعتبر انتخاب المشير عبد ربه منصور هادي نقلة نوعية كبيرة، فالرجل شخصية معروفة بجدارته وتجربته وعمله الرسمي لسنوات واستفادته من التجربة الإدارية، فهو رجل دولة من الطراز الأول. أما على المستوى الشخصي فهو معروف بدينه وخلقه وشخص محافظ، ولا شك أن شخص دافع عن الوحدة وكافح من أجلها وضحى بالكثير وليست له أي مواقف تسيء إليه بالفساد أو غيره قد جعلته محترماً رغم الظروف التي مرت منذ أحداث 13 يناير إلى تحدي الانفصال إلى تحديات كثيرة في ظروف صعبة، ورغم المؤامرات التي أحيطت بالرجل إلا أنه بحنكته استطاع الخروج منها. وفي المرحلة الحالية التي تمر بها اليمن كان اختيار الرجل موفقاً لأسباب عديدة أولها أنه مقبول من جميع الأطراف وليس عليه أي اعتراض فهو توافقي أضف إلى كونه من المناطق الجنوبية، فإن ذلك يسحب البساط من تحت أدعياء الانفصال وتقسيم اليمن، ثم إن ذلك على مستوى اليمن يعتبر انقلاباً تاريخياً إذ إنه لأول مرة في تاريخ اليمن يتولى الحكم شخص من غير المناطق الزيدية التي ظلت تهيمن على الحكم تحت مسمى ديني أوجده الأئمة الذين رفضوا أي مشاركة لطوائف أخرى مهما كانت، وحصر الحكم في آل البيت ثم بأتباع المذهب وظل ذلك منذ قيام الثورة، ورغم ذلك بقي الحكم في أتباع المذهب وكان هناك تمييز وهيمنة القبلية وذلك سياسياً، وبعد الوحدة لم يكن ذلك مقبولاً هذا الوضع في الحكم مما سبب أزمة كبيرة استفاد منها دعاة الانفصال وعلى رأسهم الحِراك وغيره. لا شك أن هذا الوضع سيساعد على أن يبدأ اليمنيون مرحلة انتقالية تدل على الحكمة والعقل إن أرادوا الاستفادة منها، فالرجل ليست له طموحات كبيرة ومنفتح وهذا سيساعد على تحديد شكل الدولة القادمة في اليمن وسيرسم مستقبل اليمن وهيكلة الأوضاع وهما فرصة يجب عدم تفويتها، وعلى الدول الإقليمية الشقيقة المحبة لليمن واستقرارها متمثلة في دول مجلس التعاون الخليجي دعم ذلك من خلال حث جميع الأطراف على المصالحة ورفض كل أشكال دعوات العنف والتقسيم أو الدعوات المناطقية والمذهبية. لذا نجد أن هناك جهات قد أغضبها نجاح المبادرة الخليجية تسعى لعرقلة الانتخابات من خلال ما يجري في صعدة ومعارضة الحوثي وأتباعه بناءً على مصالح الدولة الإقليمية التي صدمت بالمصالحة وصدمها نجاح المبادرة الخليجية واحترام الناس لدول مجلس التعاون قد أضر بطموحها لجعل اليمن منطقة عدم استقرار فدفعت بالحوثي إلى محاربة الانتخابات وإثارة الصراعات والحروب القبلية لجر البلاد لحرب أهلية تفشل هذا المشروع. لذا لم تكتف بذلك فتداخلت مصالحها مع شخصيات جنوبية فقدت مواقفها كالحِراك ومنه علي سالم البيض وغيره ممن خسروا ولم يعد لهم قبول حتى من دول المنطقة التي لم تجد في طرحهم أي منطق مقبول وهو ما يضر باستقرار المنطقة، وهؤلاء لم يقرأوا ما حولهم إذ إن الأوضاع أصبحت تختلف تماماً في أولويات وأهمية المتطلبات لدول المنطقة، لذا فقد وقع هؤلاء بخطأ استراتيجي عند طرح موضوع الانفصال أضف إلى تحالفهم مع دولة معادية لمصالح وأفكار وتوجهات دول المنطقة، ولا يستطيع أحد أن يحقق نجاحا دون دعم هذه الدول الحليفة القوية لليمن والتي لم تسمح بأي شيء يضر باستقرارها ويهدد أوضاعها، لقد أخطأ هؤلاء في سباحتهم ضد التيار وكان الأولى أن يطالبوا بالتصحيح والإصلاح ويضعوا برنامجا واقعيا لأن الأمة العربية لا يمكن أن تقوم على أساس كيانات عرقية أو مناطقية أو مذهبية، فذلك يهدد استقرار وسيادة دول المنطقة التي تشعر بالأخطار المحيطة بها من قبل خصومها وأحداث العراق تعتبر درساً قاسيا وورطة مازالت دول الخليج تعاني منها بسبب مراهنتها على المعارضة التي حملت فكراً أصبح يهدد المنطقة وأضر بها وأدى إلى هذا، لكن ذلك لن يسمح بتكرار التجربة مرة أخرى، وكان ما حدث في البحرين وما يجري في سوريا درسا كافيا لهؤلاء الذين يعيشون ما قبل السبعينيات ولم يعيشوا في عام 2012 وتطورات الأحداث. لذا نجد أن المشير هادي وانتخابه رئيساً أصبح ضربة لكل الجهات ذات الأهداف غير الوطنية ولأصحاب الطموحات. إن المستقبل أصبح في يد عقلاء اليمن الذين يجب أن يفكروا بأمورهم الاقتصادية ومساعدة المتضررين وإعادة البنية التحتية وإنقاذ البلاد والعمل على استقرارها الأمني وجمع الأسلحة والمصالحة الوطنية. وعلى الحوثيين والحراك الدخول في العملية السياسية والقبول بأصول اللعبة أو أنهم سيخسرون فهم سيسببون مشاكل ومعوقات أمنية وبضرر محدود ولكن الزمن وثقافة الأمة قد تجاوزت الحدث، والغرب والأمم المتحدة لن يصادموا دول الخليج بخصوص اليمن وما يحدث سيضر بالشارع والطبقة الفقيرة فقط.. فهل هناك من يقرأ؟