05 أكتوبر 2025

تسجيل

مسؤولية مجلس الإدارة في الشركات ذات المسؤولية المحدودة

28 يناير 2021

إن المسوؤلية بشكل عام، هي ضابط من الضوابط، ومن أهم القيم الأساسية لاستقرار المجتمعات. وهي علاقة مزدوجة ما بين الفرد والمجتمع، تتضمن الالتزام بالقوانين والنظم والقواعد والأعراف المستقرة من جهة، والوفاء بالالتزامات، ضماناً لاستقرار المعاملات، والعدالة والإنصاف من جهة أخرى. والمسؤولية هي عبء يشمل مخاطر متعددة يقع على عاتق من يتحمل تلك المسؤولية، ولتحقيق التوازن والعدالة والإنصاف، لابد من وجود حقوق تقابل تلك المسؤولية أو تعويض من يتحملها بالقدر المعقول، ووفقاً للتشريعات والقوانين والعرف السائد. وعندما يدور الحديث عن مسؤولية مجلس الإدارة، يعتقد أغلبية المهتمين، بأن الأمر يتعلق فقط بمسؤولية أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة العامة والمدرجة في الأسواق المالية، والتي تخضع لأنظمة الحوكمة. لكن في الحقيقة والواقع، فإن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة، أو مجلس المديرين في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، لا تقل عن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة العامة، خاصة إذا كانت الشركة من الشركات الكبرى متعددة الأنشطة، حيث تنص المادة 244 من قانون الشركات التجارية رقم 11 لسنة 2015، بأن حكم مسؤولية المديرين في الشركات ذات المسؤولية المحدودة يكون مماثلاً لحكم أعضاء مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة، وهذه المسؤولية إما أن تكون مدنية أو جنائية. وبالعودة إلى مسؤولية مجلس الإدارة في الشركات التجارية، بشكل عام يكون مجلس الإدارة مسؤولاً مسؤولية جماعية عن الإشراف على إدارة الشركة بالطريقة المناسبة، وعن تحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة، وعن ضمان التقيد بالقوانين والنظم واللوائح ذات الصلة، وعقد التأسيس، والنظام الأساسي ونظام الحوكمة (الشركات المدرجة) وتعديلاتها. كما يتحمل المجلس مسؤولية حماية الشركة من الأعمال والممارسات غير القانونية أو التعسفية أو غير المناسبة، لذلك اعتبر المشرع، رئيس وأعضاء مجلس الإدارة مسؤولين بالتضامن عن تعويض الشركة والمساهمين والغير عن الضرر الذي ينشأ عن أعمال الغش، أو إساءة استعمال السلطة، أو مخالفة أحكام القانون، أو النظام الأساسي للشركة، وعن الخطأ في الإدارة، ويقع باطلاً كل شرط يقضي بغير ذلك. وتقع المسؤولية آنفة الذكر، على جميع أعضاء مجلس الإدارة، إذا نشأ الخطأ عن قرار صدر بإجماعهم. أما القرارات التي تصدر بالأغلبية فلا يسأل عنها المعترضون متى أثبتوا اعتراضهم كتابة في محضر الاجتماع، ولا يعتبر الغياب عن حضور الاجتماع الذي صدر فيه القرار سببًا للإعفاء من المسؤولية، إلا إذا ثبت عدم علم العضو الغائب بالقرار، أو عدم تمكنه من الاعتراض عليه بعد علمه به. كما أجاز القانون للشركة أن ترفع دعوى المسؤولية على أعضاء مجلس الإدارة بسبب الأخطاء التي تنشأ عنها أضرار لمجموع المساهمين خلال خمس سنوات من تاريخ وقوع الخطأ، وتقرر الجمعية العامة العادية رفع هذه الدعوى، وتعين من ينوب عن الشركة في مباشرتها، فإذا كانت الشركة تحت التصفية تولى المصفي رفع الدعوى بناء على قرار من الجمعية العامة. وأجاز القانون أيضاً، لكل مساهم أن يرفع الدعوى منفرداً في حالة عدم قيام الشركة برفعها، إذا كان من شأن الخطأ إلحاق ضرر خاص به كمساهم، على أن يخطر الشركة بعزمه على رفع الدعوى، ويقع باطلاً كل شرط في النظام الأساسي للشركة يقضي بغير ذلك. بناء على النصوص القانونية آنفة الذكر، فإن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة هي عبء يشمل مخاطر متعددة يقع على عاتق من يتحمل تلك المسؤولية. ولتحقيق التوازن والعدالة والإنصاف، لابد من تعويض من يتحملها بالقدر المعقول ووفقاً للتشريعات وللقواعد والعرف السائد، كما سبق أسلفنا. لذلك أجاز المشرع في القانون القديم رقم 5 لسنة 2002، حصول أعضاء مجلس الإدارة على مكافأة كمبلغ مقطوع في حال عدم تحقيق الشركة أرباحاً، واشترط في هذه الحالة موافقة الجمعية العامة، على أن تضع الوزارة حداً أعلى للمكافأة. ولا ينتقص من ذلك عدم نص القانون الجديد على ذلك، حيث مازالت تلك القاعدة سائدة عرفاً وجارٍ العمل بها. بناء عليه فإن مكافأة مجلس الإدارة تعتبر تعويضاً عن مسؤولية وليست عن أداء، وإن كانت تحدد بناء على أداء الشركة، كمقياس لتحديد قيمتها.