29 أكتوبر 2025
تسجيلهل بات الكلام عن المبادئ والأخلاق اليوم في ظل الاستقطابات الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية عديم الجدوى، أم أنه لابد منه رغم مأساوية المشاهد في المنطقة؟ نحن مقتنعون أن التعبئة المعنوية للشعوب كانت ضرورة، وخصوصا في أثناء النكبات الضروس، لأن طبيعة النفوس مكونة أساسا من تلك العوامل، ولا أدل على ذلك من أننا كنا نرى مراهقين وكبارا قد انغمسوا في حمأة الشبهات والشهوات، فلما نادى منادي الثورة ورأوا ببصائرهم ظلم اللانظام ضد الشعب، إذا بهم ثوار من الطراز الأول وينضم إليهم كل يوم المزيد، ويحاربون المؤامرة الكونية على شعب الشام إذ وَعَوا المعادلة، وتعرّفوا الحقائق والأباطيل، وفوّتوا الاستجابة لـ"بروتوكولات حكماء صهيون" وألاعيبهم التي ينفذونها، أولاً: عن طريق صنائعهم من معظم الحكام العرب والمسلمين الذين باعوا ضمائرهم. وثانياً: تلك الحروب الفكرية والميدانية التي يمارسونها بأنفسهم –كما في غزة وفلسطين– وكما في سورية زمن "حافظ" بمجزرة "حماة" التي وقعت في 2/2/1982، وراح ضحيتها أكثر من 47 ألفا وهُدِم ثلثا المدينة، وهو ما سنسلّط عليها الضوء لاحقا إن شاء الله. ألم يثبت بنسبة 96% من جماهيرنا أنه لولا "إسرائيل وأمريكا وروسيا وإيران وعراق" الشيعة لسقط اللانظام بالوهلة الأولى بحسب إحصاء قناة الجزيرة 19/1/2016. وكم حذرنا من تآمر الصهاينة الذين أفردوا لكل بلد لجنة متخصصة لدعم الثورات المضادة وبدعم عدد من حكام العربان أنفسهم، ولكن لا حياة لمن تنادي! أما عرفنا منذ كان الدبلوماسي "حمود الشوفي " ممثلا لسورية بالأمم المتحدة كيف فوجئ بدبلوماسي إسرائيلي بإحدى اللقاءات وهو يمدح الأسد الأب ويقول: إنه يقف عند كلمته معنا، مما أدى إلى استقالة الشوفي بعد ذلك بيوم؟ ألم نعرف حال وزير الاستخبارات الإسرائيلية السابق "يوفابل ستنتز" وكيف كان يأتي إلى دمشق ويشرف على وضعية السلاح الكيماوي منذ عهد الأب؟ ألم نتأكد من أن اتفاق فض الاشتباك عام 1976 قد تم بتوقيع الأسد أيضا ووقعت المعاهدة قبل توقيع السادات الخائن؟ ألم نقرأ ما كتبه "كيسينجر" وزير الخارجية الأمريكي اليهودي الأسبق عن تدخل الجيش السوري في لبنان لحماية إسرائيل وحزب الكتائب اللبناني، وقد ذكر لنا نائب رئيس إحدى الدول الإسلامية أنه التقى كيسينجر وأخذ يمدح الأسد، وأننا نحن الأمريكان لم نقل له عن شيء إلا وقال: نعم، ولما سئل عن التغني بجبهة الصمود والتصدي تبسم وقال: دعوكم من هذا السيناريو.. نحن على اتقاق! هكذا يا أصحاب الممانعة اليوم! وغير هذا كثير، ولذا فلن نعجب إذا عَيّن حافظ أحد إخوة الجواسيس الإسرائيليين وهو "محمود عزام" رئيسا للأركان الجوية باعتباره كان ضابطا كبيرا، وكان يزوره في طرابلس قبل تسلّم الرئاسة، أفتعجبون بعد ذلك من وجود الجاسوس "كوهين" الذي أُعدم للتغطية عن عشرات مثله ولذر الرماد في العيون؟ وهكذا -وبعد التخلي عن "الجولان" طوعا والعمالة والسكوت عن التوسع في المستوطنات فيه- قال أحد كبار الصحفيين في "نيويورك تايمز": يحق لإسرائيل أن تبني تمثالاً من الذهب لأبي سليمان عند هيكل سليمان! لأن ما قدمه لا يستطيع غيره أن يقدمه لنا! أفنعجب بعد ذلك من أن تجلس وزيرة الخارجية الأمريكية "مادلين أولبرايت" في عهد "كلنتون" الرئيس الأسبق 4 ساعات مع بشار وتقول: بشار رئيس وهو يعرف ما عليه أن يعمل! ويكفيه فخرا أن الصحفي الأمريكي "سيمورهيرش" صديق حميم له. وماذا رتّب مع اليهود لإطلاق سراح الوزير اللبناني "ميشيل سماحة" الذي كان يزور إسرائيل، وبأمر بشار أراد أن يفجّر في لبنان ويشعلها طائفية!! ويكفي أن تنقل الصحافة عن ابن شارون المقبور: أنا مستعد للتطوع دفاعا عن نظام بشار! وكان أكثر كلام السفاح: إنني أعمل لكم كل شيء مقابل أن تحفظوا نظامي، وهذا ما قاله "بوتين" معلّم السفاحين: أنا قادم لحماية الأسد! وفي النهاية جاءنا التسريب من الفنان "جمال سليمان" سفير النوايا الحسنة بالأمم المتحدة وإسرار بشار له أن إسرائيل هي المهتمة بنظامي ولديّ الضوء الأخضر منذ البداية. أقول: وهو ما يفسّر كلام بوتين لنتنياهو: اطمئن لن يرحل الأسد! ولكن هل سيتنازل الثوار السوريون لضغوط أمريكا التي حملها ساعي بريدها "كيري"، وهدّد بأنهم إذا لم يحضروا جنيف3 فستوقف المعونة عنهم -بهذا الابتزاز الرخيص-! وما اشترطه "لافروف" ساعي بريد روسيا من حتمية حضور الحزب الديمقراطي الكرديPYD بقيادة "صالح مسلم" -المؤتَمِر بتعاليم روسيا والأسد- "جنيف" ورفْضُ تركيا حضورها إذا حضر.. للخطورة بدويلة كردية ضد تركيا ودويلة عَلَوية في "اللاذقية"!فالليالي حبلى بالعجائب والانتظار أحسن مستشار لنرى الثورة والمتآمرين فإنه "لا كرامة لرئيس فقد شعبُه كل مظاهر الكرامة في حياته" كما قال السباعي في كتابه: "هكذا علمتني الحياة" ص389. والصهاينة وأعوانهم جميعا –لا شك– في النهاية إلى مزبلة التاريخ.