17 سبتمبر 2025
تسجيلمن المعروف أن الصورة المثالية للصحفي هي صورة الباحث عن الحقيقة والذائد عنها والناطق ـ غير الرسمي ـ بلسان الشعب، أو مرآة المجتمع وانعكاس صورته على الصفحات انطلاقا من مبدأ كون الصحافة السلطة الرابعة، ولكن ذلك لا يعني أن كل من يدخل إلى عالم الصحافة يمتلك هذه الإمكانات فبعض الصحفيين في عالمنا العربي مجرد متطفلين على الصحافة دون أدنى ثقافة صحفية هم يدخلون فقط من أجل الإثارة وتصفية حسابات شخصية جداً وليس من أجل التميز والتألق هؤلاء الدخلاء والمتطفلون يفرغون الصحافة من ثوابتها الوطنية والأخلاقية والمهنية لتغدو الصحافة لديهم تهريجا مملا على المسرح الإعلامي لا أكثر ولو دققنا في البحث والدراسة والتعمق نجد أن هؤلاء الطارئين على الصحافة تسببوا في تكوين غلاف من الضباب على مرايا الصحافة، فهم حين يفرضون على القارئ وجهات نظرهم وقناعاتهم يعتقدون أنهم بذلك سيعيدون تشكيل الفكر لديه وصياغته هم يشاركون في العمل الصحفي للأسف دون أن يعرفوا أن مثل هذه المشاركة ضرورية ليس لإيصال وجهة نظرهم فحسب، إنما وللمساهمة في الفعل الوطني والثقافي الهادف لبناء مشهد صحفي أجمل وأرحب وفي عالم الصحافة العربية للأسف هناك قلة من الصحفيين يجيدون دور المحرر الثقافي والأغلبية مجرد متطفلين على الثقافة والصحافة، فمعظمهم يجهلون أبسط معايير الصحافة ويعيشون حالة اغتراب صريحة عن السياقات الصحفية ذلك يبدو واضحا جداً في صياغتهم للعناوين وفي اللغة التي يستخدمونها وفي سذاجة المحاور التي يطرحونها، حيث يثبت كل ذلك استهتارهم واستخفافهم بما يؤدونه من عمل في الساحة الثقافية دون أن يدركوا أن القارئ المثقف يشعر بالانزعاج من التحقيقات ومن الاستطلاعات المكررة المستهلكة. ودون أن يكلفوا أنفسهم عناء صياغة محور يليق بهم وبالمشاركين، ولا يدركون أن الصحفي الذي يدخل بمواهبه على الساحة الثقافية لابد له ألا يكتفي بموهبته بل عليه أن يقرأ ويطالع المواد الصحفية بكل مجالاتها السياسية والاقتصادية والمحلية والثقافية والرياضية لتطوير أدواته وأفكاره ومفاهيمه بدل من التمسك بثقافة القص واللصق والفراغ الثقافي الذي قد يدفعه دوما كي يبحث عن كل ما يثير إشكالية معينة، حتى إن لم تكن الإثارة موجودة فهو يفتعلها، وربما يتجه لأسلوب نشر الغسيل والنبش فيما لا يخصه ولا يخص القارئ اعتقادا منه أنه بذلك قد يحقق سبقا أو تميزا، كثيرون للأسف في عالم الصحافة لا ترتقي إمكانياتهم الفكرية إلى ما يتطلبه المشهد الصحفي في عالمنا العربي فمتى سيدرك أمثال هؤلاء حقيقة أن اللغة الصحفية لغة مغايرة ومختلفة عن اللغات الأخرى كلغة التداول والعلم والأدب، فهي لغة تبحث عن التشويق والإمتاع والصدق والدقة أولًا وأخيرًا، تلك اللغة التي ما عادت صعبة في ظل الانفتاح الإعلامي والتقني الذي نعيشه بكل ألوانه وأشكاله.