16 سبتمبر 2025

تسجيل

وستظل بورسعيد أيقونة النضال

28 يناير 2013

مذهولة كملايين غيري، موجوعة كملايين غيري، يهزني ألم فادح كذلك الذي يمس العصب المكشوف، هل يعقل ما نرى؟ هل يعقل أن تدفع مدن القناة - خط دفاع مصر الأول - فواتير كل هذه الدموع وكل هذا الدم؟ هل يعقل أن تتحول بورسعيد البلد (الوسام) الذي يفخر كل من ينتسب إليها بها، من بورسعيد الباسلة إلى بورسعيد القاتلة؟ ربما لأني بورسعيدية حزني عارم، ربما لأني أعرف بورسعيد وأنا ابنتها كم هي طيبة، وكم هي نبيلة، وكم هي وفية، وكم هي وطنية، وكم قدمت فداء لمصر تضحيات أسطورية، أتألم لحزن بلد الرجولة، والشهامة، والتضحية، والنبالة، والكرم، هزني أمس المشهد المهيب وقد خرجت بورسعيد عن بكرة أبيها خلف قافلة نعوش أبنائها لتدفن اثنين وثلاثين من فلذات أكبادها، فتحت المقابر لتضم من سقط مضرجا بدمه وانفتحت جراح لا أظن أن تندمل يوما، وفوق ألم الفقد يجلل بورسعيد حزن الحكم الذي طوق رقاب عشرات البورسعيدية بحبل المشنقة ليكون حزنهم حزنين، حزن غياب الأحبة، وحزن الغبن وقد استشعروا أن حكم الإعدام السخي إنما جاء حكما سياسيا هدفه الأول امتصاص غضب (التراس الأهلي) الذي بدأ بعمليات تخريبية تنذر بشرر عارم لن تحمد عقباه، يعني تمت التضحية بناس بورسعيد بكل ما يمكن أن يتكبدوه من ألم لقاء رضا (جماعة الأهلي) لتأمن مؤسسة الرئاسة أي فوضى تخريبية يمكن أن يحدثها التراس الأهلي بمصرنا المجروحة! وأسأل مجبورة: هل كان الحكم فعلاً ترضية لجماهير الأهلي وخوفاً من غضبتها كما صرح البورسعيديون بلقاءات الجزيرة؟ إن كانت هذه هي الحقيقة فلابد أن يكون السؤال أين الرؤوس الكبيرة التي خططت لمجزرة بورسعيد؟ أين الذين دفعوا ومولوا البلطجية؟ أين قيادات الداخلية الضالعة في المجزرة والتي وفرت غطاءً للجريمة؟ أين الكبار الذين من المفروض أن يكونوا في طليعة المسؤولين عن المذبحة؟ أسئلة صعبة، إجابتها أصعب، لكن يظل السؤال من يتحمل مسؤولية الدماء التي جرت في بورسعيد؟ ومن يواسي أوجاع بورسعيد وقد تحولت إلى سرادق كبير للعزاء؟؟ في بورسعيد الآن لا صوت يعلو فوق صوت الحزن، فهل من إنصاف يربت على أوجاع القلوب المكلومة؟ *** طبقات فوق الهمس * كنا نطالب بإلغاء قانون الطوارئ الذي أرهب الناس أيام المخلوع، وساد الارتياح عندما ألغي، لكن يبدو أن مصر في حاجة لقانون (حظر التجول) الآن، خاصة بعد سقوط 46 مصريا في مدن القناة حفاظاً على الأرواح، والممتلكات، ومصلحة الوطن العليا في أيام عصيبة. * تحية واجبة لكل الذين واجهوا الرصاص، والمولوتوف، والحجارة، وكل أشكال العنف حماية لمؤسسات الدولة، وامتنانا وتقديرا لكل الذين استبسلوا من أفراد وضباط الشرطة وهم يحمون مصر الوطن من فوضى العابثين، تغمد الله شهداءهم بواسع رحمته. * نجح إعلام الفلول بامتياز في ضرب اللُحمة الوطنية وتأجيج الفتن، واشترك في توليع حرائق مصر من خلف الميكروفون، يجب تطهير الإعلام ومساءلته. * اليوم وقد عاد الدم مرة أخرى ليكون سيد المشهد على أرض الكنانة أعجب كيف لا يفهم ثوار الخراب أن القاتل والمقتول مصريان، وأن الثوار يبنون ولا يهدمون، يضيئون ولا يحرقون، يجمعون الصف ولا يفرقون، كيف لا يفهمون؟ * كلمة (التراس) اللاتينية الأصل معناها (الفائق) وما دام اسمها الفائق فلماذا لا يكون تعاملنا فائق الإنسانية دون عنف أو تخريب؟ دون تشف أو شماتة؟ * المدهش والغريب أن الذين قالوا من (جبهة الإنقاذ الوطني) يسقط يسقط حكم العسكر هم الذين يقولون الآن (أهلاً أهلاً حكم العسكر! كل ده عشان عيون الكرسي). * أي احتفال بذكرى جميلة يكون بكل ما هو جميل، كيف يكون شعار الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة (كن مع الفوضى) يخطر لي أحياناً أن أسأل هل المحرضون على الفوضى يحملون الجنسية المصرية؟؟ هل هم أبناء مصر حقاً؟؟ * بعض السياسيين يقولون (إن إدارة مرسي تدخل البلاد في نفق مظلم) ولابد أن يكون الرد على هذا الكلام وماذا فعلتم حضراتكم وسفينة مصر على شفا جرف يكاد ينهار إلا الكلام، واللف على الفضائيات في وصلات رغي تسمونه نقدا، هو في حقيقته تحريض يصيب اللُحمة الوطنية بكسور، وشروخ، وتصدع، المصيبة أنكم لم تلاحظوا أنكم سبب نكبة مصر!! * البرادعي يقول إن إعادة التوازن إلى مصر تتطلب حلولاً سياسية من بينها تشكيل حكومة إنقاذ وطني، ونسي أن يقول إنه يريد الكرسي، وكل نضاله في جبهة الخراب من أجل الكرسي. * مهم جداً أن يفهم الفوضويون أن كل خروج على القانون يحتاج إلى حزم. *** إلى بورسعيد النبيلة * على البعد بكت عيوننا وقبلها قلوبنا معك، أوجعنا فقد أحبتك تماماً كما أوجعك، بورسعيد يا صابرة تجلدي وداوي حزنك بالصبر الجميل، كان الله معك. * أعرف أن لا عزاء، ولا تطييب خاطر، ولا تعويضات، ولا أي وعود مهما كانت يمكن أن تمسح تلك المرارة التي تستشعرها بورسعيد جراء الغبن الذي وقع عليها، كل أملنا أن تظهر الحقيقة الغائبة لتهدأ أحزان بورسعيد الفارعة. * مهما حدث، وقيل، ستظل بورسعيد الباسلة أيقونة تاريخ النضال المصري. * بورسعيد يا غالية قلبي معك.