30 سبتمبر 2025
تسجيلهل كان أحد يتصور أن المجتمع الدولي يفتضح بمثل هذه الفضيحة الفاحشة بكل المقاييس لولا وقوعه تحت الاختبار في الأزمة بل القضية السورية التي هبت ثورتها العارمة وقدمت وتقدم أغلى التضحيات طلبا للحرية والكرامة والتخلص من الاستبداد والاستعباد، فقد كفى الشعب السوري المصابر نصف قرن من الزمن وهو يصارع القهر والإذلال بقوة الحديد والنار من أكابر المجرمين الذين نصبهم أصحاب القرار في هذا المجتمع الدولي ليحفظوا مصالحه وينهبوا ثروات بلادهم، وكان ولا يزال العدو الصهيوني من أول المستفيدين من هؤلاء الحكام الخدام الذين ثبت خطرهم وخطر من يدعمهم دوليا خصوصا إيران وروسيا والأذناب الصغار في الشرق والهياكل الكبار في الغرب وعلى رأسها أمريكا الظالمة، واليوم ونحن نرى ونحس بأبصارنا وبصائرنا كيف أصبحت هذه الثورة اليتيمة محاصرة من مخالب كل غدار مكار متآمر على الثوار والشعب المقاوم ونعجب من الثبات والصمود العظيمين في حلبة هذا الصراع الدامي، رغم كل المحاولات السياسية والعسكرية والحيل الخبيثة والخداع المكشوف لإخماد هذا الحراك الفريد الذي أثبت أن إرادة الشعوب أقوى بكثير من تلك الألاعيب والفخوخ والكمائن التي تنصب لها لتسقط في الشراك من جانب أو تعمل فيها تشويها وكذبا وقلبا للحقائق كي تنفض عنها الحاضنة الشعبية التي ترعاها، إن هذه المؤامرة تجري على كل صعيد لتزيد تعقيدات الأزمة وتتدافع أمواج الدماء كل لحظة وساعة على كل صعيد في البلاد والعباد، لقد سقط الضمير العالمي سقوطا مريعا وهتكت كل الأقنعة، فلا أخلاق أبدا مع المصالح وإذا كان الضمير يعني صوت الحق كما قال ميناندر فإنك لا تسمع إلا عواء الباطل في هذه المعركة المفتوحة التي لا ترى فيها أي تكافؤ بين قوات المجرمين وبين ما يملكه أصحاب الحق من عدة وعدد تقليدية بسيطة، ففي عالم المادة لا يمكن بحال أن تظن أن يكون لهؤلاء أي غلبة على المستبد المحتل ولكنها العناية الإلهية وتوفيق الرب والإرادة المستمدة شكيمتها من القوي الجبار فهي تتحدى الطائرات الحربية والمروحية بل أسقطت منها ما يزيد على مائة وعشرين وتتحدى الدبابات وراجمات الصواريخ وبراميل البارود وبارجات البحر، فلله در هؤلاء الثوار من الجيش الحر والمقاومة الشعبية الباسلة على أرض الشام وهم يسطرون أروع البطولات في هذه الملحمة العظيمة عبر كل موقع شريف في حين أن هؤلاء الأراذل الذئاب لا يغشون إلا المواضع الفاسدة وكل إناء ينضح بما فيه ، ولا يغسل الدم إلا الدم. لقد لاحظنا في هذا الأسبوع الماضي كيف أن رأس اللانظام الأداة الطيعة بيد الصهيونية وملاك القرار في المجتمع الدولي يريد بعد كل هذا التدمير الهائل والقتل المتطاول والذبح والسلخ والسجن والتشريد لمئات آلاف بل ملايين السوريين في الداخل والخارج أن يأوي مع سدنته من المؤسسة الرسمية الدينية إلى المسجد ويقيمون حفلة المولد النبوي ويدعو المفتي العديم العلم والضمير والإنسانية هو ووزير الأوقاف المنافق السيئ إلى مليونية لصلاة الحاجة طلبا للأمن في ربوع سورية وكأن الشعب رهن إشارتهم وهم الذين ذبحوه من الوريد إلى الوريد وكأن مثل هؤلاء وأشباههم من الظلمة وأعوانهم ترفع لهم صلاة أو دعاء بعد كل هذا الإيغال في الدماء والأعراض التي حرمها الله في كل زمان ومكان إلا بالحق، وأنى لهم ذلك وهم عبيد الباطل، ثم يريد الجزار أن يثبت أنه لا يخاف أحدا فيقود سيارته بنفسه إلى حيث يذهب، والشعب الواعي في الشام يعرف تماما الترتيب المسبق لهذه الأمور وضمانها وإلا فهو أخوف الخائفين، يريد أن يعوض النقص عن نفسه المريضة التي ما مني رئيس في سورية بسخرية واستخفاف من شعب كما مني هذا الوحش ليبقى على كرسيه ويذعن لأسياده كي يخمد الثورة ولكن أنى له ولهم ذلك والحق أقوى من القوة والطغيان مهما انتفش أصحابه ومهما انحازوا إلى الجلاد أو سكتوا عن جرائمه كما هو فعل الغرب وعلى رأسه أمريكا والشرق وعلى رأسه روسيا القاتلة وإيران الحاقدة التي تهلك أرواح السوريين بفتاواها ذات الإيديولوجية المعوجة والحقد الدفين، لا أقول كأن هؤلاء ليسوا من بني الإنسان بل هم حقا لا ينتسبون إلى الإنسانية أبدا ويدعون الإسلام والديمقراطية والإسلام الحق من مجرميهم بريء وهم يلعبون لعبة الحديد والنار وينشرون الدم في سورية خصوصا وفي غيرها بشكل أو بآخر إنه ما كان لسليل الإجرام في الشام أن يسرح ويمرح بقواته الجوية والأرضية والبحرية لولا هذا الضوء الأخضر من هذا العالم المحتضر ولا أقول المتحضر حتى أصبحنا على يقين أن سورية لم تعد بفعلهم تنتسب إلى الأسرة الدولية اليوم وإن معظم هذا المجتمع الدولي المتآمر قد انكشفت فضيحته أمام الأشهاد فهو كلما وعد كذب وكلما اؤتمن خان وكلما عاهد غدر، وهذا ما فعله بالمجلس الوطني السوري ثم بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة لأن هؤلاء لم يخضعوا لهواه رغم تنازلهم عن العديد من القضايا رحمة بالبلاد، ولكن هؤلاء الحقدة لن يروق لهم موقف إلى إذا كان مطابقا لهواهم وليس موافقا فقط كم كذبوا وهم يزعمون أنهم سيمدون الثورة والجيش الحر بالمال الكافي ولكن دون جدوى حتى هذه اللحظة اللهم إلا النادرين من الدول التي فيها العاطفة والشعور إزاء هذا الشعب الذبيح كقطر وتركيا على سبيل المثال، إن فضيحة الأمم المتحدة بإرسالها حوالي نصف مليار دولار إلى الحكومة السورية اللاشرعية لتسهم في تغطية الحاجات الإنسانية للاجئين في الداخل لأكبر دليل على أنها مع القاتل لا مع المقتول ومتى كان مثل هؤلاء أمناء حتى يوزعوها على المحتاجين إنهم سيزيدون في قتلهم لنا بها ونحن أدرى بهم، وإن موقفي بان كي مون والأخضر الإبراهيمي بقولهما: يجب أن يمنع السلاح عن الحكومة السورية من قبل الدول التي تمدها وكذلك تمنع المعارضة منه لهو ذر للرماد في العيون ونظر جائر إذ كيف تقارن هذه المعونات من روسيا وإيران وحزب الله وغيرهم كثير بمثل هذه المعونات القتالية البسيطة للثوار، إنه الظلم بعينه ولا غرابة في ذلك ولكننا على يقين أن شعبنا البطل الذي يصبر على الجوع والخوف ويعاني ضيق الحاجة هو بنفسه الذي سيقود إدارة دفة المعركة على الدوام وإنه بتوكله على مولاه ومعنوياته العالية وطموحه الشريف سوف يقبر الظلم والظالمين إلى غير رجعة ويومها يعود الوطن حرا لأهله بعد احتلال عصابات اللصوص والانتهازيين والطائفيين [ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا] (الإسراء:51).