11 سبتمبر 2025

تسجيل

مبارك لقطر والعرب هذا الاستحقاق المونديالي التاريخي

27 ديسمبر 2022

منذ الإعلان عن فوز قطر بملف تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم في دورتها الثانية والعشرين للعام 2022م في الثاني من ديسمبر عام 2010م، ظل هذا الحلم مصدر إلهام لدولة قطر أميراً وحكومةً وشعباً وبريق أمل لكثير من الدول العربية والشقيقة والصديقة في منطقة العالم الثالث تحديداً. لقد كانت مسيرة عقد من الزمن اختلطت فيها الآلام والآمال وامتزجت فيها الرؤى والأفكار والتقت فيها ألوان الثقافات والفنون، وتشاطرت فيه العقول الإبداع والخيال، وكرست الدولة جهودها في التشييد والبناء المستدام نحو حلم يرتقب تحقيقه وأمل قد لاح في الأفق لابد من تمكينه، وخطر يحوم لابد من تحييده. عقد من الزمن ارتقت فيه الأهداف والطموحات وتذللت فيه الصعوبات وكرست فيه الجهود واختلطت فيه المشاعر تقف وراءها همة وعزيمة لا تفتران. عقد من الزمن كان في طريقه الكثير من الصعاب والتحديات على مستويات عديدة، تحديات إقليمية ودولية وآثار نزاعات متعددة، وتقلبات سياسية تكاد لا تهدأ، وهلم جراً. كانت مسيرة ناجحة قادها سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عامرة بالعزم والإصرار والقوة والإرادة التي لا تكسرها أعاصير الليل والنهار، كانت القلوب على قلب رجل واحد، في طريق المجد تسير وتمضي نحو الحلم ولا تلتفت الى الخلف. لقد كانت سنوات وشهورا مليئة بالجد والاجتهاد والمثابرة والتخطيط، تكاتفت فيها العناصر البشرية من مختلف التخصصات والفئات والأعمار وتظافرت فيها الجهود بكل حب، وإخاء وعزم وإصرار. على المستوى الشخصي، كان لي الشرف أن أكون جزءاً من هذه الرحلة التي لن تنسى، رحلة التصميم والتقييم والتشييد والبناء المستدام لهذه البطولة الرائعة. محل فخر واعتزاز أن أكون جزءاً من منظومة العمل الهندسي وشاهداً على هذا المنجز التاريخي الكبير. لقد كانت رحلة في غاية الروعة، رحلة لن تتكرر، رحلة تعلمت منها مالم يكن لي أن أتعلم من غيرها وسعدت بصحبة أناس لم يكن لي أن أصحبهم فيما سواها. رحلة تعلمت منها أنه لا مكان لمن لا يصنع مجده بيده، وأنه لا قيمة لمن يهدر وقته فيما لا نفع فيه. إن العمر قصير...... فاصنع لنفسك مجدها. ما ان دقت ساعة الصفر في العشرين من نوفمبر الماضي، حتى رأى الجميع أن حلمهم الذي عايشوه عقداً من الزمن يتحقق وها هي البداية تنطلق. 29 يوماً مرت وكأنها يوم واحد، فيها من التشويق والمتعة والشغف والحماس والإثارة مالم نتصوره من قبل. لقد كانت بطولة مليئة بالجمال والمفاجآت، لاتدري كيف تخطط يومك. مدة من الزمن ليست بالقليلة، التقت فيها الثقافات من الشرق والغرب وتعانقت فيها الأفكار وبعثت في الأمة العربية أملاً لم يكن له أن يشع إلا من خلالها. إن ما عكسته قطر في هذا التنظيم الرائع لم يعكس ثقافتها وأخلاقها فحسب، بل عكس ثقافة الأمة العربية قاطبة من الخليج الى المحيط، عكس موروثها الزاخر وأخلاقها القرآنية ودينها السمح وكرمها وحبها للتعايش، بل إن ذلك تعدى إلى إثبات أن هذه المنطقة ليست سيئة كما يصورها الإعلام الموجه سياسياً لصالح تلك القوى المهيمنة. لقد أثبت العرب من خلال الشعب القطري الكريم أن هذه الأمة أمة عظيمة تحترم الحضارات والثقافات ولديها قابلية التنوع واحترام الغير، وأنها أمة كريمة ولديها مبادئ إنسانية وإسلامية تتمناها أي أمة ذات رشد وحكمة. لقد كانت أفضل بطولة في تاريخ كرة القدم بشهادة غيرنا، بشهادة الفيفا وبشهادة من كانوا قد سعوا يوماً ما الى النيل من قطر والعرب بسببها، وتحاملوا على أمة بطولها وعرضها. كانت بطولة ولا أروع، تخللها الاحترام والأدب وحفظ الحقوق والأمن والسلامة وتذليل الصعاب وتقديم الدعم بكل أشكاله لكل ضيوف قطر بما يتماشى مع عادات وتقاليد العرب وأصولها وبما لا يجرح في ديننا أو ينال من مقدساتنا. بطولة سطر فيها العرب أجمل مشاركاتهم على كل المستويات ابتداءً بالتنظيم ثم المشاركة وحمل المركز الرابع فيها لأول مرة في تاريخ الفيفا. بطولة انتهت بتتويج تاريخي بالبشت العربي في حفل مهيب وفي يوم تحتفل فيه قطر بيومها الوطني. شكراً لسمو أمير دولة قطر ولحكومته وشعبه على الإصرار لاستضافة هذا الحدث التاريخي وتمثيل الأمة العربية فيها خير تمثيل، شكراً لكل من شارك في إنجاح هذه الرحلة الرائعة، إنها مصدر فخر لكل العرب والمسلمين ولكل دول العالم الثالث. واني أهدي دولة قطر بيتين من أبيات قصيدة الشاعر المرحوم حافظ إبراهيم: وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي فَاِستَبينوا قَصدَ السَبيلِ وَجِدّوا فَالمَعالي مَخطوبَةٌ لِلمُجِدِّ نبارك لقطر أميراً وحكومةً وشعباً ومقيمين أولاً وللعرب ثانياً ولجميع المشاركين في هذا الرحلة الطويلة ثالثاً نجاح مونديال قطر التاريخي، كما أنتهز هذه المناسبة بتهنئة مدرائي وزملائي وأصدقائي الذين عملت معهم بشكل مباشر أو غير مباشر في مرحلة التشييد والبناء على كافة الأصعدة سواء كانوا من جهة عملي المنظمة الخليجية للبحث والتطوير أو اللجنة العليا للمشاريع والإرث أو الشركات المنفذة أو الاستشاريين أو إدارات المشاريع أو الخبراء المعنيين أو مزودي الخدمات أو الوزارات أو المؤسسات الحكومية والغير حكومية أو هيئات الأشغال والبلديات، أو ضيوف قطر...الخ. كل الفخر والاعتزاز بهذا الاستحقاق التاريخي، وكل السعادة أننا كنا من شاهديه. اللهم لك الحمد. حلم وتحقق بالتتويج بالبشت العربي. مدير مشاريع أول المنظمة الخليجية للبحث والتطوير