18 سبتمبر 2025

تسجيل

فرص التهديد الكردي لأنقرة

27 ديسمبر 2014

تبدو العلاقة بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني في سباق مع الوقت.فالمفاوضات التي بدأت قبل حوالي السنتين وواكبها وقف للمعارك بينهما لا تزال متواصلة من دون الإفصاح عن حقيقة ما يجري خلف الكواليس.فما يتسرب من معطيات من جانب الدولة التركية ضئيل جدا بل إن رئيس الأركان نجدت أوزيل قال قبل فترة أنه ليس على اطلاع على أي تفاصيل حول الأمر.والمسؤولون في الحكومة التي تقود المفاوضات عبر رئيس الاستخبارات حاقان فيدان يعكسون دائما أجواء إيجابية. يستمر هذا الأمر من سنتين.في المقابل فإن الجانب الكردي يقدم كمّا وافرا من التفاصيل سواء على لسان أوجالان أو ما يصرح به أعضاء الوفد الكردي النيابي من حزب الشعوب الديمقراطي الذي يلتقي أوجالان من وقت لآخر.بعد أيام يدخل العام الجديد 2015.وفي مطلع كل عام جديد تبدأ التحليلات والمواقف بالإشارة إلى أنه عام مصيري وحاسم يتبين خلاله الخيط الأبيض من الخيط الأسود.مؤخرا قدم أوجالان إلى قيادة حزب العمال الكردستاني المتواجدة في جبال قنديل في شمال العراق على حدود المثلث العراقي التركي الإيراني ما وصف بأنه مشروع متكامل لحل المشكلة الكردية في تركيا. وقد ردت قيادة قنديل بعد أيام بأنها موافقة على الخطة وستعمل كل ما بوسعها لجعلها تبصر النور.غير أن الطرف الحكومي لم ينبس بعد ببنت شفة حولها.الصمت الحكومي أثار انزعاج قيادة قنديل كما قيادة حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل الجناح البرلماني للأكراد المؤيدين لأوجالان والذي يقوم وفد منهم بدور المنسق بين أوجالان و "قنديل" والحكومة أحيانا.جميل بايق رئيس الهيئة القيادية في حزب العمال الكردستاني أطلق تصريحات واضحة لا لبس من أن العام 2015 سيكون عام الحسم إما باتجاه السلم والحل أو باتجاه الحرب بل إنه حدد مواعيد لذلك قبل نهاية الربيع المقبل.حذر بايق من أنه إذا لم تتخذ الحكومة خطوات عملية لحل المشكلة الكردية في الأسابيع المقبلة فإن الحزب سوف يبدأ الحرب قبل موعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في نهاية الربيع المقبل. وقال إن عشرين يوما مرت على إرسال أوجالان مشروعه وموافقة الحزب عليه ولم تصدر عن الحكومة حتى الآن أي خطوة.وقال إن الحكومة تقول أنها تريد أن تعلن موقفها بعد الانتخابات وهي بذلك تكرر لعبتها في العام 2011.وبذلك فإن حزب العدالة والتنمية يأخذ بعملية الحل إلى الحرب.ولكن إذا مضت عملية الحل بصورة صحيحة فإننا نريد أن نرى أوجالان مشاركا في مؤتمر الحزب الموسع الذي سيعقد في 15 مارس المقبل.ليست إشارة قنديل إلى الانتخابات النيابية المقبلة عرضية.فهي تعتبر مفصلا أو محطة هامة لتقرير مسار عملية الحل.فحزب العدالة والتنمية يبني معظم حساباته في كل القضايا على نتائج الانتخابات.وهو يريد أن يثبت بزعامة أحمد داود أوغلو أنه حزب قوي وعازم على الاستمرار بقيادة البلاد أربع سنوات أخرى وبالنهج نفسه وحتى من دون أن يكون رجب طيب أردوغان رئيسا مباشرا له.ولذلك فإن أي "دعسة ناقصة" سوف تخرب هذه الحسابات ومن هذه الخطوات الحساسة مسألة ما إذا كان سيمضي في عملية حل للمشكلة الكردية حتى النهاية قبل الانتخابات أم لا.والأرجح أنه لن يفعل ذلك قبلها، إذ أن الحزب يريد أن يخطف بضع نقاط من قاعدة حزب الحركة القومية، القومي التركي المتشدد.وهذا لا يمكن أن يحصل باتفاق على حل المشكلة الكردية التي يعارض مسارها حزب الحركة القومية بقيادة دولت باهتشلي.مع ترجيح عدم التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات فإن الأكراد لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذ سيرون فيها مماطلة حكومة جديدة كما حصل في العام 2011 أي وعود لما بعد أي انتخابات،ثم لا شيء يطبق.لكن تهديد الأكراد بحرب عسكرية جديدة ضد الدولة في الربيع المقبل يبدو أيضاً كما لو أنه مجرد تهديد غير قابل للصرف.إذ أن الكلمة الفصل في حزب العمال الكردستاني لا تزال كما يبدو من كل مسار هذه القضية في السنتين الأخيرتين في قبضة عبدالله أوجالان المعتقل في قبضة الدولة التركية.ولا يزال أوجالان يراهن على الوقت وعلى حاجة الأتراك للاستقرار في مرحلة مضطربة من التطورات في الشرق الأوسط ليحصل من الحكومة التركية، حتى بعد الانتخابات، على أكبر قدر من التنازلات لصالح الأكراد وفي رأسها الحكم الذاتي والتعلم باللغة الكردية الأم.