12 سبتمبر 2025

تسجيل

تلك الأيام

27 ديسمبر 2014

منذ سنوات شاهدت عملاً مسرحياً تونسياً، وشدني أنني قد استمعت إلى أغنية تمثل شكلاً من أشكال الغناء، كنت اعتقد أنه لون غنائي خليجي بحت، ذلك أن اللحن والأداء صورة ماثلة لفن الصوت لدينا، لكن لم أكن قد سمعت باسم المطربة، من هي؟ ما جنسيتها؟ مع قدم الأغنية، وكان يجلس بقربي أخي واستاذي وصديقي المسرحي الكبير عز الدين المدني، وهو علم من أعلام المسرح والفكر والثقافة في شمولية الكلمة، بجانب أنه يحمل في تاريخه تاريخ الفنون، من موسيقى وغناء، وهذا ما دعا إلى أن تلتصق ابنته زهراء بآلة شرقية "العود" أما العزيز عز الدين فتاريخه طويل مع الغناء والموسيقى، منذ أن ارتبط بوشائج صداقة وحب مع مبدعة تونسية كانت واحدة من أشهر المغنيات ألا وهي (جيبة مسيكة) التي كانت تعد من أبرز مغني وممثلي تونس في القرن العشرين، ولا أعلم إذا كان صديقي قد كتب لها نصاً مسرحياً أم لا، مع عمق العلاقات فيما بينهما.. ذلك أنه عندما يستمع إلى أي أغنية لها، يتحسر كثيراً على تلك الأيام، ولقد ذكر لي لاحقاً في تونس أن جيبة اسمها الأصلي مارغريت وأنها ابنة أخت المغنية الشهيرة ليلى سفيز. وأن جيبة اشتهرت كثيراً في تونس نظراً لأنها قدمت العديد من الأغاني المعروفة في لون الطقطوقة، ولكن كان فن الغناء لونا من ألوان موهبتها الفذة، كما يقول صديقي عز الدين، ذلك أنها برعت في فن المسرح كممثلة، سواء في تونس أو مصر، عبر مشاركتها في مسرحيات جورج أبيض ولاحقاً مع فرقة المستقبل التي كانت تحت إدارة فنان تونسي وهو محمود بورقيبة.يصمت أخي وصديقي عز الدين، ثم يردف قائلاً: ميرو جيبة، إنها لم تحصر ذاتها في لون غنائي أحادي بل غنت بعدة لهجات مثل التونسية، المصرية، الشامية، الليبية، وأنا لا أعلم إذا غنت أيضاً باللهجات الأخرى مثل العراقية والأصوات الخليجية، ذلك أن التنوع كان جزءاً من نسيج ابداعات جيبة مثل "زوروني كل سنة مرة، وقلبي بوادي الجمر ويا ساقي اسقينا وغيرها من الأغاني".سرح صديقي عز الدين، وصمت طويلاً، فلم أرد أن انكأ جرحاً قد شفي منه، ذلك أن إعادة قلب الأوراق.. تعيد المواجع إلى قلب إنسان عزيز علي.. اسمه عز الدين المدني.