12 سبتمبر 2025

تسجيل

استحضار الماضي والحاضر

27 نوفمبر 2019

"فكتبوها" رحلة في عمق التاريخ.. ممزوجاً بالحاضر.. كتاب آخر.. يضاف إلى إبداعات الباحث والأديب والشاعر على عبدالله الأنصاري.. يطوف بنا هذا الأديب عبر كل الماضي.. يرافق الشعراء والملوك والأدباء والصعاليك.. يقدم حكاياهم.. أفراحهم، أحزانهم، ويقدم صوراً من واقع ذاك الزمان الموغل في القدم. نلتقي مرة بطرفة بن العبد. ونسابق تأبط شراً. ونقف في غرور مع المتنبي.. كل هذا وحسان بن ثابت والخنساء حاضرة عبر العديد من القصائد التي لها أحداث.. هنا بكائيات الخنساء على أخيها صخراً.. والأجمل خلق مشهدية حوارية من قبل الباحث، الشاعر، الأديب، بو عبدالله. وأنا اقرأ في هذا السفر الثر طرحت على ذاتي تساؤلاً. من يملك هذه القدرة على خلق الحوار، لماذا يهرب من الكتابة للمسرح ؟ هل لأن المسرح لدينا قد تم تسجيلها باسم أعمال لا ترقى إلى هذا العمق الفكري ؟ قبل هذا العمل قدم بو عبدالله العديد من الأعمال ما بين دواوين للشعر وكتب يندرج تحت مسمى أدب الرحلات. وبخاصة رحلاته إلى بلاد بني عثمان. فهو من عشاق "تركيا" فكتبوها. إضافة لمنجزه الابداعي أولاً. ونقله في استحضار المواقف عبر أسلوب يمزج بين الواقع والمتخيل عبر قدرة على الصياغة القصصية.. يعانق البيد ويعتلي صهوة جواده الجموح. ويحدو بإبله. قاطعاً الفيافي.. يلاقي بن المنذر.. ولا يهرب من عمرو بن كلثوم.. وهو في كل قصة وقصيدة. يطرح ما يلامس واقع تلك الفترة.. هذا الكتاب إضافة للأدب القطري عبر جهد فرد ارتبط بالأدب والفكر والشعر. وهذا العمل لابد أن يحتفى به. خاصة وأن هذا الأديب قد تعامل مع دور النشر خارج الوطن من أجل تقديم بطاقة التعارف إلى الآخر.. كما أتمنى حقاً أن يكون الاهتمام بمنجزنا الثقافي عبر الوسائط المختلفة من إذاعة وتلفزة. بجانب الندوات الفكرية. وأتمنى من هذا المفكر ألاّ يتوقف أمام الماضي فقط. فهناك قصائد لها بعدها الزمني. مثل أحمد شوقي، بدر شاكر السياب، عبدالرحمن الشرقاوي وأعماله الشعرية مثل الحسين ثائراً وشهيداً والفيتوري صاحب الصرخة "أنا من أفريقيا السمراء وخط الاستواء" وبلند الحيدري والفيحاني، وبن لعبون، فهد العسكر.. وعشرات الأسماء. يقول الفيتوري في إحدى روائعه: أيها السائق رفقاً بالخيول المتعبة / قف فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبة / قف فإن الدرب في ناظرة الخيل اشتبه / هكذا كان يغني الموت حول العربة / وهي تهوى تحت أمطار الدجى مضطربة ". الفيتوري والسياب نموذجان عصريان.. ولكن كلاهما ينتمي بمعاناته إلى عصر السليك بن السلكة وتأبط شراً وعروة بن الورد. [email protected]