09 أكتوبر 2025

تسجيل

أين الشيطان الأكبر.. يا إيران؟!

27 نوفمبر 2013

لعل من أخطر ما يواجه الشعب العربي تلك العاطفة التي تتحكم بمشاعره وسلوكه وتحديد مواقفه من الآخرين، فنحن شعب عاطفي بامتياز تنقصنا الواقعية والنظرة إلى الأمور نظرة استراتيجية، فإننا سرعان ما ننجرف وراء هذه العاطفة ونصفق ونرفع العقال لمن يحرك عواطفنا حتى ولو بكلمة عابرة.ودليل هذه العاطفة الجارفة وغير المدروسة وغير الواقعية، إننا في زيارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون إلى قطاع غزة ومشاركته إلى جانب الرئيس الراحل ياسر عرفات بافتتاح مطار غزة المدمر حالياً بقذائف دبابات وطائرات العدو الصهيوني، في تلك الزيارة هتف الشعب الفلسطيني بحياة أمريكا ورفع هذا الشعب الأعلام الأمريكية في كل مكان وهو يعلم أن الإدارات الأمريكية ومنها الرئيس كلينتون هي أكبر داعم ومساند للعدو الصهيوني.والدليل الآخر على هذه العاطفة الجياشة والغامرة هو هتافنا بحياة رئيس الوزراء التركي السيد رجب أردوغان وجعلنا منه بطلاً عربياً وإسلامياً بل وصل بنا الحد إلى رفع صورته إلى جانب صورة قائد الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر، وهذا ما حدث أيضاً مع السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني؛ لأنهما وقفا ضد العدو الصهيوني، أما الأول السيد أردوغان فكان موقفه عبارة عن فقاعة صابون عندما هاجم العدو الصهيوني بعد أن قتل العدو الصهيوني تسعة من الأتراك في سفينة مرمرة التي حاولت كسر الحصار عن قطاع غزة، لكن العلاقات التركية-الصهيونية استمرت بل وزاد التعاون الاقتصادي والعسكري بينهما ورغم ذلك أعمتنا العاطفة عن رؤية الواقع وهتفنا باسمه.أما بالنسبة للسيد نصر الله، فإننا أيضاً صفقنا له طويلاً لأنه شارك في تحرير جنوب لبنان ولأنه لقن ومعه المقاومة الوطنية اللبنانية العدو الصهيوني دروساً لن ينساها هذا العدو لكن ما نسمعه اليوم بتدخل حزب الله في سورية جعلنا نتوقف عند ذلك كثيراً.أما الدليل الثالث على عاطفتنا الجياشة فهو نظرتنا إلى المواقف الإيرانية وإدراكنا حسب العاطفة أن إيران ستكون الحليف الاستراتيجي للأمة العربية في صراعنا مع العدو الصهيوني، خاصة بعد طرد السفير الصهيوني بعد الثورة ورفع العلم الفلسطيني فوق السفارة التي كان العدو فيها.وكذلك تلك الشعارات التي كان يرددها "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" وتسميته الولايات المتحدة الأمريكية "الشيطان الأكبر" وهذه الشعارات كانت كافية لإشباع هذه العاطفة العربية، بل إن أغلب الشعب العربي ينظر للإدارات الأمريكية بأنها "الشيطان الأكبر"، كما كان النظام الإيراني يردد وأنا من الذين كتبت عدة مقالات تحت عنوان "الويلات المتحدة الأمريكية" بدلاً من "الولايات المتحدة الأمريكية".اليوم وجدنا الشقيقة إيران تجري مفاوضات سرية طويلة مع الشيطان الأكبر وتمخضت هذه المفاوضات عن الاتفاق، الذي قالوا عنه إنه اتفاق تاريخي، ونجد وزير الخارجية الإيراني مع وزير الشيطان الأكبر وهما يوزعان الابتسامات العريضة بعد توقيع اتفاق مباحثات النووي والتي شاركت فيها الدول الخمس زائد واحد.بعد هذا الاتفاق بين إيران وهذه الدول ومنها أمريكا هل ستمر إيران بوصف أمريكا بالشيطان الأكبر؟!أم أن الشيطان الأكبر سيصبح حليفاً استراتيجياً لإيران؟!