12 سبتمبر 2025

تسجيل

تخلص من مخاوفك

27 أكتوبر 2022

الخوف شعورٌ عاطفي طبيعي يصيب الإنسان عند تعرضه لموقف أو لشيء يُشعره بالخطر، بحيث يسبب له التوتر، والقلق، والفزع، فقد يكون الخوف شيئاً صحياً فيبقيه آمناً. وذلكَ عندما يُحذّر الشخص من شيء يُشكّل خطراً حقيقياً عليه. وقد يكون الخوف غير ضروري، فيصبح الإنسان بسببه أكثر حذراً مما يجب. وبالتالي سيتجنّب ما يخيفه ويتعزز شعور الخوف أكثر لديه. هناك مخاوف بالعمق يمكن التغلّب عليها إذا سعى الشخص لتخليص نفسه من هذا الشعور المزعج، أمّا إذا كان الخوف مَرضياً فيمكن للشخص مراجعة طبيب للمساعدة على تخطي شعوره، وكذلك يمكن التحدث مع شخص قريب عن مشاعره حتى يقدم له يد العون ويرشده للطريق الصواب. وبما أن هذا الشعور يعيق تقدّم الإنسان سواء في حياته الشخصية أو في علاقاته الاجتماعية أو حتى على الصعيد العملي، لكون هذه المشاعر المربكة قد تسبب تأخيرا أو تعطيلا في اتخاذ القرارات وخاصة المصيري منها. لشعور المرء بأنه مكبل بحالة من القلق النفسي من جراء تراكم الخبرات المؤلمة السابقة والتي قد يكون متجاهلها أو غير معترف بوجودها. والحقيقة أن البعض قد ينجح في تخطي الخوف عندما يدرك أن هذه المشاعر المزعجة قد غيرت مجريات حياته بشكل سلبي. ولكن قد يبقى الخوف عائقاً وحاجزاً في حياة الكثير من الناس، الذين يتعايشون معه وكأنه من المُسلمات فلا يقتربون منه كي لا يؤذيهم أكثر، كما أنهم لا يعترفون بوجوده، لكونه أمرا طبيعيا بمحيطهم الاجتماعي. لذا أرجوك اعترف لذاتك بأن هناك الكثير من الصدمات التي قد تكون تعرضت لها في فترات الطفولة أو الشباب ولكنك لا تعي أنها ما زالت ترافقك حتى اليوم، وتتحكم في أفكارك وعاداتك وتسيطر على معاييرك بشكل غير مباشر. ويمكنك ملاحظة ذلك في تصرفات من هم خارج محيطك، فإن كنت تخاف من حشرة معينة، راقب وستلاحظ أن هناك أشخاصا لا يخافون منها وكذلك هناك أطفال لا يهابونها بعكس محيطك الذي تتشابه به المخاوف وإن تباينت. فبالرغم من أنه ليس صعباً أو مستحيلاً التخلص من هذا الشعور إن تمكنا من الاعتراف به وهذه هي نقطة البداية. فإن لم تعترف بألمك كيف لي أن أعالجك؟ اجتهد في ذاتك وابحث عن حلول للقضاء على مسببات هذه المشاعر الضارة المتراكمة منذ الطفولة، فكل شخص يكمن بداخله العديد من المخاوف التي نتجت من التعرض لحادث ما. وإن كان يجهلها أو يتجاهلها ليواري جزءا دفينا لمرحلة أو مراحل قاسية تعرض فيها لصدمات بسبب الظروف أو الأشخاص المحيطين به. ولنعلم جيداً أننا جميعاً نملك مخاوف، فأنت لست وحدك بهذا الصندوق بل إن مخاوفنا مشتركة وصدماتنا متشابهة. تذكر بأنه باعترافنا سنُشجع الآخرين على أن يحذوا حذونا ليتخلصوا من مخاوفهم المكبوتة. لذا فلنتفق بدايةً بأن الاعتراف بهذه المخاوف لن يقلل من قدرك أو ينتقص من كرامتك، لكون الاعتراف هو بداية العلاج. إذاً عليك أن تحدد مخاوفك من خلال العودة للماضي بالغوص في خفايا الأمور والتدقيق في أبسط الأحداث لتستشعر البذرة الأولى وتستكشف أطرافها ومسبباتها والنتائج المترتبة عليها. ثم دونها بقلم وورقة واصفاً محيطها، معبراً عن كل المشاعر الحسية والمعنوية تجاهها. تخلص من كل المشاعر المؤذية بكتابتها لتقرر أنك اكتفيت من حملها كل تلك السنين وأنه آن الأوان للتخلص منها للأبد، مع مراعاة كتابة التفاصيل الدقيقة التي ستتذكرها مصحوبة بالعواطف التي رافقت هذا الموقف. ومع تقمص المشهد مرة أخرى يمكنك ترجمته بالكتابة لتعود لقراءته اليوم التالي. وصدقني ستنبهر من كمية المشاعر والتفاصيل التي ستطفو على السطح. ناهيك عن الارتياح الذي سيصاحب التخلص من تلك المشاعر التي لم تعد أصلاً بحاجة لها. ثم ابدأ بالتعبير عنها من خلال التحدث عن هذه المخاوف كل واحدة على حدة مع شخص مقرب إليك، تثق به. شارحاً له سبب أو أسباب الخوف مقروناً بتفنيده وعدم قناعتك ببقاء هذا الشعور بداخلك، وبأنك قررت أن تتخلص منه للأبد. وهكذا ستلاحظ أن مخاوفك ستتلاشى مع الوقت عندما تقرر عدم التركيز عليها. كما ستكتشف جمال الحياة بعد أن تكسر حاجز الخوف وتتحرر من عبوديته، لتُحلّق مع النسور مرتفعاً ومبتعداً عن كل ما يؤذيك.