19 سبتمبر 2025
تسجيلفرعون موسى، نموذج فريد من البشر لم يكن قد ظهر قبله أحد بالعقلية التي كان عليها، وإن كان من بعده ظهر كثيرون.. هذا الفرعون لم يكن سوى ممثل بارع، أتقن الأدوار التي رسمها له وزيره هامان، وبعض آخر من بطانته السيئة، أصحاب المصالح والمنافع، الذين هالهم أن يخرج فتى فقير من بني إسرائيل، يحاول أن يوضح خفايا وأسرار التمثيليات التي يقوم بها فرعون ومن معه. ما كان يحدث في السابق من فرعون تجاه موسى عليه السلام، يمكن أن نقول عنه بلغتنا المعاصرة، أنه استهبال للناس واستخفاف عميق بهم، عبر تمثيل بارع متقن من فرعون وزبانيته أمام الرأي العام.فرعون في سنواته الأخيرة، بدأ يدرك أن التمثيل الآن لم يعد ينفع ويجدي كما كان عليه الوضع لسنوات طوال، وأدرك أن الرأي العام بدأ يشعر بالخداع والتضليل والخوف في الوقت ذاته. نعم كان خائفاً من التفكير والتعبير بشيء غير ما يُراد له من فرعون والأجهزة الإعلامية خاصته. أدرك فرعون وخشي أن الوقت قد حان للتغيير، وأن التاريخ بدأ كعادته يعيد نفسه والأيام يداولها رب العباد بين عباده، وسرت في نفسه خيفة وخشية من احتمالية حدوث تغيير وشيك على يد هذا الفتى الذي يقال له موسى. بدأ فرعون يستعد للانتقال إلى مرحلة أخرى جادة في التعامل مع الموقف الجديد الذي لم يتوقعه. فبدأ ببث رسائل إعلامية مختلفة إلى الرأي العام تقلب الحقائق، لكنها لم تجد نفعاً، وتضليل الجماهير لم يعد أمراً مقبولاً الآن كما السابق، فقام بعد ذاك الإخفاق الإعلامي، باستخدام أسلوب التهديد المباشر، واستخدام العنف والقمع والسجون. وهكذا بدأ عهد فرعون في التلاشي شيئاً فشيئاً، وبدأ الناس يتوقون إلى الحرية والانطلاق والعيش الكريم، بعد أن أذلهم هذا الفرعون وقتل أولادهم واستحيى نساءهم عقودا طويلة.. انتهى فرعـون المتجبر، وسينتهي كل من على نهجه يسير، ولكن الإشكال الكبير في أن أكثر الفراعنة لا يعقلون!