11 سبتمبر 2025

تسجيل

عزوف المتلقين

27 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إذا أردنا الحديث عن منتج ثقافي، فلابد من تكامل أضلاع مثلثه، وهي المبدع والمتلقي والمنتَج، وبفقدان ضلع من هذه الأضلاع، يمكن أن يصاب العمل الإبداعي بالعطب، وهو ما ينعكس بالتالي على المشهد الثقافي بشكل عام.وحينما يغيب الملتقي عن هذا العمل الثقافي، يصبح هذا المنتج الإبداعي ناقصاً، بل وأمام أزمة حقيقية. وليس بالضرورة أن يكون الملتقي هنا قارئاً، ولكنه قد يكون مستمعاً كما هو الحال في الفعاليات الثقافية المختلفة، حينها تجد مبدعين تجمعهم طاولة الحوار الثقافي، ويكسو وجوههم العبارات الأدبية البليغة، والقضايا الثقافية المثيرة، غير أنك تجدهم لا يخاطبون سوى أنفسهم ومقاعدهم.وقتها لن تفاجأ، ولن تأخذك الدهشة، عندما لا تجد متلقين يلتفون حول هؤلاء المبدعين، فيعصفون أذهانهم بما يلقى عليهم، وقد لا تجد سوى نفر يسير، قد تكون أهدافاً أخرى جمعتهم، غير ظرف متابعة المشهد الراهن، أو أنهم اعتادوا متابعة مثل هذه الفعاليات، فأصبحوا جمهوراً ثابتاً، فيصبحوا "جمهوراً روتينيا".مثل هذه المعضلة الثقافية تشي بخلل ما في المنظومة الثقافية ككل، قد يتحملها المثقفون أنفسهم، وقد تتحملها المؤسسات والجهات المعنية بضخ العمل الثقافي، ولا يغيب معهم عن تحمل المسؤولية، أولئك الراغبين في الجلوس على مقاعد الصامتين أو المتفرجين، يناصبون الثقافة العداء، وكأن بينهم وبينها حائط صد.ومن ثالثة الأثافي أن أمثال هؤلاء لا يفهمون من الثقافة إلا اسمها، فيجعلونها حكراً على الشعر والنثر والقصة والرواية، وكأن الثقافة كل هذه الألوان الإبداعية وفقط، ولا ثقافة بدونها. وربما لا يسعنا المقام والمقال في آن لتعريف الثقافة، غير أن كل ما يقال عنها أنها ليست بمثل هذا المفهوم الدارج لدى البعض.وقد تكون هناك عوامل اجتماعية، وأخرى يبلغ فيها إيقاع العصر مبلغاً، فتقف هذه العوامل حائلاً بين الملتقين و"المنتج الثقافي"، إلا أن الطامحين إلى المعرفة عليهم إدراك قيمة الثقافة بمفهومها الواسع والشامل. وحينما لا يعفون أنفسهم من مسؤولية الحضور بالمشهد الثقافي كفاعلين ، فإنهم بذلك يمارسون دوراً نقدياً ، حتما سيثري منظومة العمل الثقافي، ومن ثم اكتمال أضلاع مثلثه.