12 سبتمبر 2025

تسجيل

من غير كذب ولا تلاوين!

27 أكتوبر 2014

عندما ذهبت لتخطبها أخفت على أهلها أن الخاطب متزوج أربع مرات وله أولاد من ثلاث منهن، الذي قالته إنه متزوج مرتين، طلق واحدة وعلى ذمته واحدة، كذبة قد تراها صاحبتها بسيطة لكنها عند من يعنيها الأمر قد تكون سبباً وجيهاً لرفض الزيجة وقد علمت بالتحري أن هناك كذباً في أمر لايجوز إخفاؤه وأن أي حياة تبدأ بكذبة في معلومة قد يكون وراءها من الكذب ما هو أدهى وأمر، هذه الكذبة تعيدنا إلى أنواع من الطلاق الذي يتفشى في مجتمعاتنا العربية لأسباب كثيرة منها الكذب، فهذه طُلقت لأن المتقدم أوهمها بأن شقته في بلده تحت التشطيب ولما تزوجت وسافرت وجدت كذبة كبيرة، فلا شقة ولا يحزنون وإنما قَدَرُها (الحشرة) في بيت حماتها الذي تسكنه قافلة من الأولاد والبنات، ونصيبها حجرة واحدة بعد شقة الأحلام التي روج لها عريس (كداب) وكان أن وقع الطلاق بعد اهتزاز الثقة وسكن مكتظ بالمشاكل اليومية التي لا تنتهي! أخرى طُلقت بعد زواج لم يدم شهراً بعد اكتشافها أنها فريسة لكذبة نصاب محترف ألقى شباكه عندما تأكد أنها ثرية ومن أسرة معروفة فقرر الزواج منها مدعياً أنه صاحب العيادة التي تتردد عليها رغم أنها مملوكة لابن عمه الطبيب الذي يعمل بالخارج، والذي يطابقه في الاسم الأول ولقب العائلة المكتوب على اللافتة الخارجية للعيادة! كيف كُشف العريس النصاب؟ كشف بعودة مفاجئة لابن عمه صاحب العيادة وقد توفي والده! عريس وجد بنت الحلال بعد طول بحث، لم يبخل بمهر، وشبكة، وفرح في أكبر الفنادق يعني (جاب الحبأ والنبأ، وشوشة أمه في الطبأ) كما يقول المثل الفلاحي، لكنه اكتشف أن عروسه قد سبق لها الزواج وقد كذبت عليه التي خطبتها له وأخفت عنه عامدة تلك المعلومة فطلق ليلة الدخلة، وتهدمت أحلامه فلم يعش في (تبات ونبات ولم يخلف صبيان وبنات)، أما تكاليف زواجه، وفرحه، ومؤخر العروسة وكل ما تكبده فيعوض الله! خاطبة قدمت لبنت الناس (عريس) على أنه (ملتزم) بعد الزواج بيومين ثبت لها أنه ملتزم فعلاً بمعاقرة (الغرشة إياها) ليل نهار وياها، وإذا اعترضت المستورة شبعت كفوفاً لا قبل لها بها، أخت فاضلة تقول لي كان زوجي يأخذ برأسي ويدقه في الحائط حتى يدمي وجهي وقد ألقى بي بعد مشادة خارج البيت دون أن أستر نفسي بعباءتي! أخرى تقول كان زوجي يسرق من حقيبتي وأنا نائمة (الفيزا كارت) ويسحب من رصيدي ثم يعيدها مكانها إلى أن اكتشفت أنني زوجة أعيش مع رجل لا أمانة له وتمتلئ المحاكم بملفات طلاق لأسباب يصعب حصرها، كلها مؤلمة، أحيانا الضحية فيها الرجل، وكثيراً ما تكون المرأة المستضعفة، وهذه مناسبة أن نقول لكلا الطرفين المقبلين على الزواج المثل المشهور (قبل ما تقرب وتناسب.. اسأل، وفكر، وحاسب) على الفتاة أن تطلب السؤال والتحري، وعلى الخاطب أيضاً فكم من (بلاوي سودة) حدثت بعد (اتمخطري يا حلوة يا زينة، وفرح، ومدعوين، وزينه) يعني بعد ما وقعت الفاس في الراس، ومناسبة أن نُذكر بأننا يمكن أن نكون سبباً في هدم البيوت بالطلاق دون أن ندري أننا نقترف إثماً فظيعاً بالكذب فقد نُسأل عن رأينا في فلان أو فلانة المرشحين للزواج فيكون جوابنا إطناباً في المديح، وإضافة خصال بديعة ليست في العريس المرتقب، ولا العروس المرجوة، هذا فوق تبرعنا بإخفاء المسالب، والعيوب، والنواقص، والمآخذ التي نعرفها جيداً والتي تكفي لإفزاع أي نسب! مطلوب أن نتقي الله في الإجابة عندما نُسأل عن رأينا في أي أحد، وأن نتحرى الأمانة في كل المعلومات التي ترد على ألسنتنا أو التي تطلب منا دون تزييف أو تجميل، مهم أن نتخلى عن فكرة (عايزين نخدم) ونقول أي كلام غير مسؤول، أو أي مواصفات تجافي الحقيقة لتحلية البضاعة، جميل جداً أن تكون شهادتك لخاطب أو مخطوبة سبباً في وجود بيت جديد سعيد، وقبيح جداً أن يدعو عليك المتضرر فيقول (منه لله اللي كان السبب) ويا بخته من وفق في الحلال راسين، لكن من غير كذب ولا تلاوين. * * * طبقات فوق الهمس * قل لي من تصادق أقل لك من أنت.. قول صحيح، إذ لن ترى في أي صحبة إلا وجوها تشبه بعضها البعض إما طيبة أو شريرة، إما مستهترة أو ملتزمة، إما منتفعة، وإما عطاء بلا حدود، إما منافقة أو (دغري تقول للأعور في عينه انت أعور). * قال للذي وفَّى له ولم يقدر عقابك عندي أن أنصرف عنك لتعلم أنك بيديك أذهبت ذهبك، وضيعت كنزك. * حتى القلوب ألوان، هناك قلب (أخضر) وهو المحب للحياة، النائي عن الهموم، العاشق لكل جمال، وهناك قلب (أصفر) وهو المنافق الذي يحبك ويقربك قدر مصلحته عندك، وهناك قلب (أبيض) مغسول من الأنانية، يوزع نبضه على الناس محبة، ووداداً، نبله يمنعه من احتمال دمعة إنسان دون أن يفديها، وهناك قلب (أسود) كاره لنفسه والناس، حسود، حقود، ساع أبداً في تفرقة الأحبة، وقطع موداتهم بالخبث والدسيسة، أعاذنا الله من شره. * قالت خجلت ومازلت أخجل من الجهر بآلامي، وأحزان قلبي كلما طالعني وعد ربي وبشر الصابرين. * غصبا نسأل مهمومين، موجوعين هل كل الحرائق التي تعم بلاد العرب أوطاني حقاً من أجل تحقيق الديمقراطية العادلة؟ وهل يمكن بعد هدوء الحرائق أن ننعم فعلاً على طول الخريطة العربية بالعيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية؟ هل يمكن أن ننعم مثلا بحرية التحرير، والتعبير، يقول أحمد مطر الذي أخذ الوطن في قلب قلبه فأوجعه: * جس الطبيب خافقي وقال لي هل هنا الألم قلت له نعم فشق بالمشرط جيب معطفي واخرج القلم هز الطبيب رأسه ومال وابتسم وقال لي ليس سوى قلم فقلت لا يا سيدي هذا يدٌ وفم ورصاصة ودم وتهمة سافرة تمشي بلا قدم