15 سبتمبر 2025

تسجيل

لهذا.. لن تقود المرأة السعودية

27 أكتوبر 2013

لا يزال الجدل مستمراً وواسعاً بين الرفض والقبول لقيادة المرأة السعودية للسيارة ؛ فيوم أمس السبت 26 أكتوبر كان الموعد المضروب لحملة التحدي وخروج المؤيدات خلف مقاعد القيادة إلى شوارع المدن السعودية , وحيث شاهدنا مبكراً محاولات مكثفة ومدعومة بالنصائح والتوجيهات لهذا الخروج المخالف للعادات والأنظمة من الداعين لهذه الحملة ومؤيديها رغم التحذيرات الرسمية وفتاوى العلماء لإجهاض هذه المحاولة التي تكررت في أكثر من محاولة فردية وجماعية منذ نوفمبر في العام 1990م ؛ ومع أني على ثقة بأن هذه المحاولة لن تؤتي ثمارها وستعود الراغبات في القيادة للجلوس إلى المقاعد الخلفية خلف السائقين في استمرار للمنع الرسمي والرفض الاجتماعي المحلي الواسع , وأقول ذلك وفقاً لاستقراء معايش لطبيعة فهم العقلية المحلية وتعاطيها مع هكذا حدث ضمن ما يستجد من مطالبات ومحاولات للخروج على مألوف العادة وطبيعة المجتمع الذي لا تزال أطره وقوى التأثير فيه ترفض بقوة فكرة للتغيير كهذه التي تمس صلب الخصوصية المحلية لمجتمع ظل طويلاً يتمسك بمحددات تضمن مظهره العام بالمحافظة وتجنب دواعي الفتنة وأشكالها.  أما رأيي الشخصي في قيادة المرأة للسيارة فأنا أصطف ضمن صفوف الرافضين الكثيفة والغاضبة أيضاً من التدخل في خصوصيات المجتمع وعاداته ؛ ليس للفكرة ذاتها أو تبعاً للمحددات الشرعية التي يطلقها البعض، بل لمضمون المطالبة وأسلوبها الذي يرتكن على التحشيد الإعلامي الواسع لها ودون أن يحمل رسالة متقنة وناجعة تنسجم وأسلوب التأثير في مراكز القرار أو حتى استهداف التغيير في مفهوم غالبية العقلية المحلية, فالحملة تركز على التحدي والمواجهة لكسر قيد المنع والعيب دون التأسيس لأرضية صلبة للفكرة بين مؤسسات القرار والقوى الأكثر تأثيراً فيها؛ خاصة وأن المجتمع السعودي يستقي مؤثراته من رموز المؤسسة الفكرية ودعاتها ويُقيم سلوكياته تبعاً للعادة والعرف المتوارث وينبذ المستجدات الطارئة، بل ويواجهها بمحاولات فهم ترتبط بموروثه الفكري المؤثر بقوة في مظهره العام ؛ عموماً لن يكون 26 أكتوبر هو الفيصل في موضوع قيادة المرأة للسيارة وستستمر المحاولات دون أن تسقط القناعة الصلبة المضادة للفكرة ودعاتها ؛ فالقرار في بلادنا، خاصة في مثل هذا الموضوع الحساس الذي يُخرج المرأة من بيتها مباشرة، لن يكون سهلاً ولن يأتي بالقوة أو المواجهة "ولي الذراع" والإحراج المدعوم بمؤثرات إعلامية وحقوقية واسعة محلياً وعالمياً وهو أيضاً ليس كقرار تحويل الإجازة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت أو مشاركة المرأة في مجلس الشورى أو المجالس البلدية أو حتى مشاركة المرأة في الإذاعة أو غيره من القرارات ذات العلاقة بالمرأة ؛ فالموضوع مرتبط بصلب الخصوصية المحلية ومرتبط أيضاً باستقراءات سياسية وأخرى اقتصادية وجملة تنظيمات وتشريعات محلية قد لا تكون مهيأة في هذه الفترة تحديداً , أيضاً من جانب عملي يتعلق بالطرق السريعة وتباعد المدن والكثافة المرورية الضخمة في بلادنا ناهيك عن تدني مستوى الثقافة المرورية وتزايد حجم الحوادث المرورية في البلاد التي تناهز دولا عالمية أكثر كثافة سكانية؛ فيصل حجم الحوادث المرورية المسجلة سنوياً في السعودية إلى 450 ألف حادث مروري خلفت في عام 2010م أكثر من 6 آلاف قتيل و36 ألف مصاب، مما يعد من أكبر النسب والأرقام العالمية, ولعل في دخول المرأة مجال القيادة هكذا دون ترتيب أو أطر منظمة يزيد الوضع تأزماً, لذلك نحتاج إلى عمق أكبر في فهم الموضوع والوصول إلى مقتضيات قانونية تؤطر جوانبه قبل الزج الانفعالي بفتياتنا إلى الشوارع لمجرد الحماسة والتعند.