20 سبتمبر 2025
تسجيلالعطش للحرية والأمل في حياة حرة كريمة للمواطن العربي جعلا من الشعب العربي يرى في أي بارقة أمل تفتح أمامه بوابة كبرى نحو الخلاص من تلك الدكتاتورية التي حبست أنفاسه طيلة عقود طويلة ويرى في أي حراك شعبي نحو هذا الأمل ثورة شعبية متكاملة ستحقق له كل تلك الآمال والأهداف التي يتطلع إليها، لهذا سرعان ما أطلق هذا الشعب على تلك الانتفاضات الشعبية "الثورات"، وقال عن هذه الثورات إنها جاءت بالربيع العربي لهذا أصبح مصطلح الربيع العربي ملازماً لكل انتفاضة أو ثورة. وباعتقادي أن الربيع العربي لم يأت بعد لأن تلك الانتفاضات أو الثورات العربية لم تنضج بعد ولم تحقق الانتصار بعد فهي لا تزال تصارع مخلفات الأنظمة الدكتاتورية سواء في تونس أو مصر وتحاول أن ترسم لنفسها طريقاً ثورياً في ليبيا بعد مقتل القذافي وهي لا تزال تناضل للخلاص من أشواك علي عبدالله صالح في اليمن وتهيئة الأرض اليمنية لنمو ثورة شعبية على أرض صالحة ولا تزال حتى الآن تبحث عن الإصلاح والقضاء على الفساد وتداول السلطة في سوريا ولأنها لم تنتصر حتى الآن لا نستطيع القول إننا نعيش زمن الثورات العربية ولا نستطيع القول أيضا إننا نعيش الربيع العربي.. لكن ما يدعو إلى التفاؤل رؤية بوادر هذا الربيع تلك الانتخابات التونسية التي جرت بالأمس وشهد العالم لها بالنزاهة والشفافية التي قالت النتائج الأولية إن حزب النهضة فاز بأغلبية المقاعد ومن أجل أن نرى الربيع مزدهراً في تونس الخضراء، نتمنى أن تكون النتائج الأخيرة لهذه الانتخابات هي الحصاد الحقيقي لبداية الربيع العربي الحقيقي الذي بدأ غرسه من تونس وامتد إلى مصر وبقية الدول العربية، ولكي ينمو هذا الربيع لابد من قبول تلك النتائج من كل القوائم المتنافسة التي دخلت هذه الانتخابات لأن مثل هذا القبول هو احترام لإرادة الشعب ولقرار الشعب وبما أن هذا الشعب هو الذي صنع هذه الثورة وبما أن هذا الشعب هو الذي اختار ممثليه فلابد من تجسيد هذه الإرادة على أرض الواقع والعمل معاً وبيد واحدة لخدمة أهداف هذا الشعب وأهداف أمته العربية، لأن مثل هذا التعاون بين القوى الوطنية التونسية سوف يترجم أهداف الثورة ويحافظ على مكتسباتها ومثل هذا التعاون بين التيارات الإسلامية الفائزة والعلمانية الفائزة وتلك التي خسرت أيضاً سيفوت الفرصة على كل من يحاول تعكير صفو الربيع التونسي أو من يحاول زرع الأشواك بدل الورود على الأرض التونسية. إن نجاح الانتخابات التونسية والقبول بنتائجها من كل القوى المتنافسة يعني قدوم الربيع في تونس ويعني أن الربيع قادم إلى مصر لا سيما ونحن ننتظر إجراء انتخابات مماثلة سوف تجري في مصر قريباً وهذه الانتخابات هي التي سوف ترسم صورة المستقبل لمصر القيادة والريادة وبعدها وفي حال نجاحها سنرى ربيعاً آخر يزدهر على أرض عربية ولعل انتظارنا للربيع العربي المصري هو انتظار للربيع العربي لأن مصر هي قلب العروبة النابض وهي الدولة القيادية والريادية في الوطن العربي. لقد أشرت في مقالات سابقة إلى أن ثورة تونس وثورة مصر قد نجحتا لكنهما لم تنتصرا بعد الآن وبعد نجاح الانتخابات التونسية نستطيع القول إن ثورة تونس قد انتصرت.. ونحن بانتظار انتصار ثورة مصر.. مهما كانت نتائج تلك الانتخابات لأننا يجب أن نحترم إرادة وخيار الشعب وهذه هي الديمقراطية التي نبحث عنها ونقاتل من أجلها، فعندما يقول الشعب كلمته وعندما يختار الشعب ممثليه وعندما يحدد هذا الشعب هدفه الاستراتيجي ويعلن عن مشروعه المستقبلي، فإن الربيع سيظهر وانتخابات تونس هي بوادر الربيع العربي.