21 سبتمبر 2025
تسجيلغرب أفريقيا أو ما يعرف سابقا بـ “السودان الغربي” يتكون من المناطق التي كان التاريخ العربي يطلق عليها: تكرور، غانة، صوصو، مالي، وصنغاي، التي ظهرت وامتد نفوذها بين القرن الثاني الهجري –على أقل تقدير- إلى القرن الحادي عشر. وينظر أبناء دول غرب أفريقيا إلى الدول العربية أنها حاضنة اللغة العربية ومن يجدر بها خدمة لغتها، دون الاهتمام بتفصيل القول في عوامل وسبل ذلك، ودون معرفة الفرق بين اللهجات العربية أو عاميّاتها ودارجيّاتها. كما ينظر إليها على أنها مهد الإسلام ومن يجب السعي إلى الاهتمام بها ومتابعة أمرها، وتقريب كل من اهتم بها. وهذا الاهتمام الذي نتحدث عنه ليس فرديا أو شخصيا أو هواية. فإن اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو غيرهما من لغات العالم لم تكن لتنمو ذاتيا وتنتشر فرديّا دونما عوامل أخرى مؤسساتية. إذا لم تهتم المنظمات الرسمية وهيئات التعلم والتعليم رسميا بخدمة ومتابعة الثقافة العربية والإسلامية رسميا مع مثيلاتها في هذه الدول فكيف تخدم الثقافة العربية والإسلامية وكيف تقوى العلاقة بين الطرفين؟ الدوامة والدور والتسلسل الذي قد يواجه المهتم بالثقافة العربية والإسلامية في شكله الرسمي يكمن في معضلتين اثنتين: أولاهما: لغة التعليم في دول غرب أفريقيا هي إما الفرنسية كما في بوركينا فاسو، بنين، مالي، توغو، النيجر، وغينيا، وساحل العاج، وإما الإنجليزية كما في غامبيا، وغانا، وليبيريا، ونيجيريا وسيراليون. فلم يبق مدخل رسمي لخدمة الثقافة في المؤسسات التعليمية الرسمية لهذه الدول، اللهم إلا على نطاق ضيق جدا، ويكاد يكون معدوما مؤسساتيا ورسميا. ثانيتهما: النظام المدني هو السائد في الحكم في هذه الدول كما في أغلب دول العالم، مما يعني أنه رسميّا من التحدي بمكان مخاطبة مواطني هذه الدول الجهات الرسمية فيها لخدمة الثقافة الإسلامية، إذ يقال إن الدولة علمانية لا تساند دينا على حساب آخر. ويبقى تحدي خدمة الثقافة العربية والإسلامية بهذا بين مطرقتي لغة التعليم الغربي أو الحكم المدني. ان العمل الفردي في خدمة الثقافة العربية أو الإسلامية بمثابة عمل إنساني خيري صعب ضبطه واستمرار استدامته، أو بمثابة تجارة أو مؤسسة خاصة لإدارة التجارة الدينية إن صحّ هذا الإطلاق. إذ الأصل مصلحة خاصة لا المجتمع، والنفوذ شخصي لا جماعي. ولعل بداية الحل هي إيجاد مؤسسات رسمية معنية، والاهتمام بقضايا أصحاب الشأن في الدول العربية وفي دول غرب أفريقيا، ووجود أعضاء ومتابعين من أصحاب الشأن في الباب، دون إغفال أهمية الحاضنة العلمية لحاملي الثقافة العربية والإسلامية، ويقصد بها وجود جهة ذات سلطة ونفوذ عملها السعي إلى رسم لوائح تعليم الثقافة العربية والإسلامية وترشيد الطلبة نحو التخصصات والمناهج العلمية، ونشر الوعي في المجتمع بين الآباء خاصة بفوائد التعلّم والعلم، والتعاون معهم لاختيار أفضل مدارس ومنهج تعليم لأبنائهم. وربط النظام التعليمي القائم على الثقافة العربية والإسلامية بالوظائف ذات الصلة وبسوق العمل: المؤسسات الحكومية، والمؤسسات الخاصة، أو المشاريع الشخصية المنصبة في التعليم الديني؛ وتكون هذه الحاضنة العلمية الجهة المستقبلة للخريجين الدوليين من أصحاب الشهادات الجامعية أو العليا في المجال.