12 سبتمبر 2025
تسجيلبمبادرة كريمة من الجمعية الدولية للعلاقات العامة، فرع الخليج احتضنت كتارا ندوة موسومة "ماذا يريد الإعلام من العلاقات العامة؟" الكلام عن العلاقات العامة والإعلام أثار ويثير الكثير من النقاش والجدل منذ عقود من الزمن بين المهنيين والأكاديميين والباحثين ليس في المنطقة العربية فقط وإنما في معظم دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية مهد هذه المهنة، والبلد تطورت فيه نظريات وأخلاقيات العلاقات العامة. فالعلاقات العامة دون المؤسسات الإعلامية لا تستطيع أن تنجز الكثير من مهامها وتحقق الكثير من أهدافها. من جهة أخرى نلاحظ أن وسائل الإعلام بحاجة إلى إدارات العلاقات العامة في مختلف المؤسسات حتى تقوم بتقديم المعلومة للرأي العام، وبدون إدارات العلاقات العامة ستكون مهمة وسائل الإعلام في الحصول على البيانات والمعلومات عن أنشطة مختلف الهيئات والمؤسسات سواء كانت خاصة أو عامة مهمة صعبة جدا وهذا مع التنامي المتزايد للمؤسسات المختلفة في المجتمع وخصوصية كل واحدة منها.فإذا بدأنا الكلام عن العلاقة المهنية والصحية والمتميزة بين الطرفين فلابد من التقيد بالاحترام المتبادل وهذا يعني أن الطرفين يعملان من أجل المصلحة العامة ومن أجل تزويد المجتمع بالبيانات والمعلومات الضرورية حتى يتسنى للرأي العام أن يتوفر على المعلومات الضرورية لاتخاذ القرار السليم وللتعامل والتفاعل مع مختلف هيئات ومكونات المجتمع بوعي ودراية ومسؤولية.. وهذا يعني أن ممارس العلاقات العامة والصحافي كلاهما مسؤول أمام الله وأمام ضميره وأمام المجتمع عن أداء مهنته ورسالته بإخلاص وأمان ومسؤولية. فالإعلام المسؤول والنزيه هو ذلك الذي يساهم في التنمية المستدامة وفي طرح القضايا الجوهرية في المجتمع ليس من أجل القذف والشتم والافتراء وليس كذلك من أجل التسبيح والمدح وإنما من أجل توعية المجتمع وإبلاغه وإخباره بكل ما يتعلق بحياته اليومية سواء كان الأمر يخص المواصلات أو المدارس أو المستشفيات والقائمة قد تطول وتشمل كل مجالات الحياة ومكونات المجتمع وفئاته وإداراته...الخ. من جهة أخرى ممارس العلاقات مسؤول على احترام الصحافي بالدرجة الأولى والنظر إليه كزميل وكحليف استراتيجي لإخبار وإبلاغ الرأي العام بما يجري في مؤسسته بطريقة موضوعية وصريحة وشفافة وبدون تضخيم وتسبيح ومدح وبدون مبالغة. فالمصلحة العامة تتطلب الصدق والثقة واحترام الجمهور والرأي العام، فعملية إقناع الجمهور لتكييف سلوكه مع المنظمة تقوم بالدرجة الأولى باحترام هذا الجمهور من خلال الصدق والموضوعية والشفافية والالتزام بالاحترام المتبادل، وليعلم ممارس العلاقات العامة أن التركيز في مهامه على عملية النشر والحضور الإعلامي في وسائل الإعلام هي جزء بسيط جدا من مهام العلاقات العامة التي تشمل الاتصال الاستراتيجي والبحث والتخطيط وبناء الصورة وإدارة السمعة. فالعلاقات العامة لا يجب أن تركز على المدح والتسبيح للمؤسسة والعلنية والحضور الإعلامي، فهي أكبر من ذلك بكثير. فالجمهور يهمه بالدرجة الأولى أداء المؤسسة واستجاباتها لطلباته وحاجاته، فالعلاقات العامة هي أفعال قبل أن تكون أقوالا، وهذا يعني أنه يجب احترام ذكاء الجمهور حيث إنه عارف للواقع ومجرب له، فالتركيز على الحضور الإعلامي دون أنشطة ووظائف العلاقات العامة الأخرى يعني عدم استيعاب فهم المهنة كما ينبغي وعدم توظيفها لخدمة المجتمع والمصلحة العامة.. من واجب ممارس العلاقات العامة أن يتعامل مع الصحافي في السراء والضراء، في الأوقات الزاهية والجميلة للمؤسسة وفي الأوقات الصعبة والحرجة وفي الأزمات بنفس الاستعداد والمسؤولية، وعادة ما يحتاج الجمهور إلى المعلومات والأخبار والتفاصيل في الأوقات الصعبة للمؤسسة. ومن أجل علاقة متميزة بين العلاقات العامة والإعلام تخدم المصلحة العامة وتشكل رأيا عاما مستنيرا، واعيا وهادفا يشارك في التنمية المستدامة في المجتمع يجب على الصحافي الالتزام بالمهنية والبحث عن الحقيقة، ما يعني التركيز على صحافة الاستقصاء والبحث عن الأخطاء والتجاوزات بهدف تصحيحها وبهدف إرضاء احتياجات الجمهور. فبانتشار شبكات التواصل الاجتماعي والثورة المعلوماتية، انتهى إعلام البيانات الصحافية وإعلام "كل شيء على أحسن ما يرام" وصحافة البلاط، فالمجتمع اليوم بحاجة إلى إعلام هادف، إعلام لا يعتمد على البيانات الصحافية وإنما يغوص في أعماق القضايا التي تهم المجتمع بمختلف مكوناته وشرائحه، فالمجتمع بحاجة في المرحلة الحالية إلى إعلام قوي وفعال ومسؤول وملتزم ونزيه لا يعتمد على بيانات العلاقات العامة، بل يستعملها للشروع فيما بعدها من تحقيقات ومقابلات واستقصاءات من أجل تنوير الرأي العام. من جهة أخرى يحتاج المجتمع إلى علاقات عامة مسؤولة ونزيهة من أجل بناء علاقات تفاهم بين المؤسسة وجماهيرها مبنية على الاحترام المتبادل وعلى الصدق والثقة. السلطة كذلك يجب أن تكون مسؤولة تؤمن بالديمقراطية وتحترم الحريات الفردية وحرية الفكر والتعبير والرأي والشفافية وإشراك الفرد في صناعة القرار. فبدلا من الصراعات والمناوشات الدائمة بين العلاقات العامة والمؤسسات الإعلامية يجب تبني ثقافة التعاون والتكامل من أجل المصلحة العامة، فليعِ الصحافي أنه الوسيط ما بين الجماهير من جهة والسلطة من جهة أخرى وأن هدفه الأسمى هو تقديم الحقيقة للجمهور من أجل المصلحة العامة. فالديمقراطية تحتاج إلى شفافية وإلى إعلام قوي موضوعي، مسؤول وملتزم. كما يجب على ممارس العلاقات العامة أن يدرك أن دوره هو أن يكون الوسيط الناجح بين المؤسسة وجماهيرها بهدف تحقيق التفاهم بين الطرفين من أجل المصلحة العامة، الأمر الذي يتوجب الابتعاد عن التضخيم وعن ثقافة التمظهر والتركيز على الحضور الإعلامي. فمصلحة المؤسسة والجمهور تتحقق من خلال الأداء المتميز والاحترام المتبادل وليس عن طريق الأخبار والبيانات الصحافية المعسولة والمزركشة التي تعتمد التضخيم والتبجيل. نستنتج إذن من مصلحة الطرفين العلاقات العامة والإعلام التزام المهنية والأخلاق ومبدأ المصلحة العامة، فالطرفان بإمكانهما التعاون من أجل المصلحة العامة ومن أجل المساهمة في نشر روح المسؤولية والأداء المتميز عند المؤسسة وعند الجمهور بهدف تحقيق التنمية المستدامة، فكشف الأخطاء والتجاوزات لا يجب أن ينظر له بطريقة سلبية ولا يجب أن يفسد الود بين العلاقات العامة والمؤسسة الإعلامية، بل على العكس إن طرح المشاكل والتطرق للنقائص والسلبيات يفتح المجال للتعلم من الأخطاء وتصحيحها والمضي قدما في الازدهار والتقدم. كما أن الصراحة والشفافية هي مفاتيح النجاح والتقدم والديمقراطية. إن الحوار بين الطرفين، الإعلام والعلاقات العامة من شأنه أن يدلل العقبات والمشاكل القائمة ويقدم الحلول من أجل التعاون والتكامل وليس التنافر والتضاد، فإذا التزم كل طرف بأخلاقيات المهنة ومارس الوظيفة بمسؤولية والتزام واحترام الآخر، والجمهور ولمصلحة العامة فالجميع يكون مستفيدا وكل يؤدي مهمته وفق الأصول والمبادئ خدمة للمصلحة العامة وللديمقراطية.