02 نوفمبر 2025
تسجيلشنت طائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب أولى غاراته داخل سوريا ضد مواقع لتنظيم "داعش" الهدف الأساسي من الحرب ضد الإرهاب.الغارات نفذتها طائرات الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة طائرات من دول عربية خليجية والأردن، ما أراده الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يكون التحالف الدولي متشكلا من دول عربية وإسلامية سنية بالتحديد، كان الغائب الأكبر عنه هو تركيا الدولة الإسلامية السنية بل أيضاً الأطلسية.وهذا بدا غير مألوف رغم أن له سوابق عندما رفضت تركيا المشاركة في الحرب ضد العراق عام 2003 فبقيت وحدها خارج التحالف الدولي حينذاك.رفضت تركيا المشاركة الآن في الحرب ضد الإرهاب لأنها ترى أن إنهاء داعش لا يتم فقط بالغارات الجوية بل أيضاً من البر وهذا غير مطروح على جدول أعمال التحالف الدولي.وأيضا لأن تركيا ترى أن أي تحالف دولي لا يستهدف إسقاط النظام السوري لن ينهي "داعش" ولن يحقق الاستقرار.بدأت الغارات ولم تكن تركيا بين المشاركين فيها، ولكن التطورات المتسارعة ولاسيَّما إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا آخر غير القرار 2170 لمكافحة إرهاب "داعش" ومنها معاقبة أي دولة تسمح بتجنيد مقاتلين وإرسالهم للالتحاق بداعش، أشعر تركيا أنها في موقع بات يضيق عليها خياراتها في ظل الاتهامات الأمريكية التي لم تتوقف بأنها تحولت إلى ممر لمقاتلي داعش في طريقهم إلى سوريا والعراق.تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء وجوده في الأمم المتحدة حول إمكانية مشاركة تركيا في العمليات العسكرية في سوريا يعتبر نظريا على الأقل تحولا في الموقف التركي.إضافة إلى الحرج الذي تجد تركيا نفسها فيه فإن إطلاق سراح الرهائن الـ 49 الأتراك الذي كانت تحتجزهم "داعش" أزال سببا رئيسا في رفض تركيا المشاركة في التحالف الدولي.مع ذلك لا يبدو أن تركيا جدية في إعلانها المشاركة في الحرب ضد الإرهاب، فالأمر يتعدى مسألة الرهائن الـ 49 وهذا كررناه مرارا قبل إطلاق سراح الرهائن.الاشتباكات التي دارت بين تنظيم "داعش" وبين المقاتلين الأكراد في المنطقة الكردية في سوريا والتي يطلق عليها الأكراد تسمية روجافا واحتلال داعش لعشرات القرى الكردية ومحاصرتها عاصمة المنطقة أي مدينة تل العرب (كوباني باللغة الكردية) ربما يفسر جانبا مهما من عدم رغبة تركيا المشاركة الجدية في محاربة "داعش". إذ إن تركيا كانت تتوجس من نشوء كيان كردي في شمال سوريا منذ أكثر من سنتين عندما سيطر المقاتلون الأكراد التابعون لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا والموالون لحزب العمال الكردستاني على تلك المنطقة في يوليو 2012 وهو ما استدعى أن تعلن تركيا أنها قد تكون مستعدة للتدخل العسكري هناك لمنع نشوء ما يمنع واقع كردي يسيطر عليه حزب العمال الكردستاني العدو اللدود لتركيا رغم وجود مفاوضات غير مباشرة معه لحل المشكلة الكردية.ترى تركيا أن الفرصة سانحة لاستئصال النزعة الانفصالية في سوريا لأن أي كيان كردي في سوريا سيكون تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني وتركيا ليست قادرة قانونيا التحكم به كونه لا يقع داخل تركيا بخلاف ما هو الأمر مع المناطق الكردية في الداخل التركي.وهجمات "داعش" على روجافا تتقاطع مع هدف استراتيجي لتركيا في تلك المنطقة.ورغم أن العلاقات بين أنقرة وأربيل كانت ممتازة اقتصاديا وسياسيا غير أن الحرب ضد داعش أوجدت صدعا كبيرا في هذه العلاقات حيث تمنعت أنقرة عن نجدة أربيل حين كانت تتعرض لخطر "داعش" وهو ما عبر عنه صراحة المسؤولون الأكراد في أربيل.وفي ظل هذه اللوحة الكردية في العين التركية فإن أهم تطور نوعي حصل من جراء التطورات الأخيرة في العراق وسوريا والحراك الدولي هو انكسار خط العلاقة بين أنقرة من جهة وكل أكراد المنطقة في سوريا والعراق وتركيا من جهة أخرى وهو ما سينعكس سلبا على جهود حل المشكلة الكردية في تركيا وما قد يفتح على تداعيات أمنية قد تتمثل في استئناف حزب العمال الكردستاني عملياته العسكرية ضد الدولة التركية.والكل يذكر بالنتائج السلبية على بقاء تركيا خارج المعادلة العراقية بعد العام 2003، والمشهد اليوم لا يبدو أنه يختلف كثيرا عما كان عليه آنذاك إن لم تبادر تركيا إلى المشاركة ولو في الحد الأدنى من عمليات التحالف ضد الإرهاب حتى لا تقع في المخاطر والنتائج السابقة نفسها.