22 سبتمبر 2025
تسجيلرأى الأمريكان أن حصول أوروبا على الطاقة من روسيا هو أمر مستغرب، حيث إن أمريكا هي الحليف الإستراتيجي لأوروبا وحافظ الأمن والسلم معها وحافظ مصالحها حول العالم، وكون أوروبا تستورد كل هذه الكميات من الطاقة يعني أن إمكانية اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية الرخيصة يذهب بعيدا لدرجة تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة، فأمريكا تنظر للمواجهة المحتملة مع الصين والصين تنظر لروسيا على أنها رأس الحربة في أي حرب فلديها الأسلحة والخبرة في الحروب وهي من يتصدر المشهد العالمي والأوروبي، وعليه بدأت هواجس أمريكا في انفصال أوروبا تدريجيا في حال تعززت تلك العلاقة بين روسيا وأوروبا من خلال ستريم واحد وستريم اثنين فتكون هي وحدها لمواجهة الصين وروسيا ومن خلفهما الشريك الإستراتيجي أوروبا، خاصة وأن الاستثمارات والأعمال تتالى على خط ستريم اثنين فستريم واحد كان يحمل أكثر من مائة وسبعين مليار متر مربع من الغار والطاقة النظيفة التي كانت تغذي الصناعات والمصانع والكهرباء في أوروبا، وإدخال ستريم اثنين يعني أن أوروبا ستكون أسيرة روسيا وطاقتها النظيفة والرخيصة، فبدأت للعمل على قطع شريان الطاقة في وقت سابق بجعل أوكرانيا شوكة في خاصرة روسيا لتدفعها للقيام بأي حراك تكون فيه أمريكا قادرة على فرض رؤيتها على أوروبا في حرب تهدد أوروبا، فأوقفت العمل بستريم اثنين وتبعت ذلك بقطع ستريم واحد لكي تكرس رؤيتها لأوروبا في مواجهة روسيا، وهكذا تم ووضعت روسيا تحت طائلة العقوبات الاقتصادية لشل حركة روسيا ثم التفرغ لمواجهة الصين، وعملت على تصحيح دساتير ألمانيا واليابان لتجنيدهما في معركتها ضد الصين وروسيا وأشعلت العدوان من بحر الصين وجزرها ومن الفلبين إلى اليابان وأعدت الطبخة ودخلت المنظومة الغربية وحلفاؤها عن وعي أو عن واقع حال وإرث الماضي من خلافات، وبدأ مسرح العمليات يكبر ويتسع، حينها استطاعت ولأول مرة دول الشرق الأوسط أخذ موقف مستقل وكان نتيجة عدة أحداث في حينها بدأت كارثية ولكن كانت حجر أساس الحيادية في حرب أوكرانيا، التفت روسيا على الحصار فوجهت الطاقة لآسيا وأفريقيا فتضاعفت شحناتها لكل من الصين والهند وأفريقيا وباكستان وغيرها من دول رحبت بمثل هذا التوجه الذي مكنها من الحصول على الطاقة وبأسعار رخيصة، في جانب النفط انضمت روسيا مسبقا للأوبك لتصبح منظمة الأوبك هي الأوبك بلس، وكانت هذه الشراكة التي سمحت لروسيا والأوبك بتنسيق كميات تصدير النفط وإدارة معادلة العرض والطلب لاستتباب سوق النفط وحماية الاقتصاد العالمي من التقلبات والأزمات خاصة في خضم الأزمة الأوكرانية والتي أبرزت مخاطر التضخم على الاقتصاد العالمي، لم تكتفِ روسيا بإعادة هيكلة قطاع الطاقة بل ذهبت بعيدا لمعاقبة أوروبا على موقفها فأثارت أفريقيا على المستعمر القديم المستغل لثروات أفريقيا وإنسان أفريقيا، فحاصرت الغرب من خلال اليورانيوم الذي تملك ما نسبته ٥٪ من إنتاج اليورانيوم وتملك ما نسبته ٤٥٪ من الاستخلاص والتخصيب، وفي حال استطاعت أن تضع يدها على إنتاج النيجر وبوركينا فاسو فهي ستملك ما نسبته ٦٠٪ من سوق اليورانيوم وبذلك تكون روسيا قد وضعت الغرب في كماشة حاجته للطاقة، وإن يكن الغرب قد هرب من غاز روسيا ونفطها بشكل مباشر، فإنه سيرجع لاستيراد اليورانيوم منها، وتكون روسيا قد أكملت حصار الطاقة للغرب، لا ننسى أنه خلال الحرب الأوكرانية استوردت أمريكا أكثر من ١٠٠ مليون دولار من اليورانيوم المخصب من روسيا وعليه فإن حرب الطاقة وإن حاول الغرب قطع شريان الغاز فإنه سيعود لشراء النفط من دول آسيا التي باعتها روسيا النفط في المقام الأول واليورانيوم ويكون الروس هم من يتحكم بمسارات الطاقة.