14 سبتمبر 2025
تسجيلاستيقظ أهل قطاع غزة صباح الخميس الماضي قبل أسبوع على خبر اختطاف أربعة شبان مسافرين فلسطينيين من باص الترحيلات قرب معبر رفح على الجانب المصري من الحدود الفلسطينية المصرية، وقد أكدت مصادر متطابقة جملة من الإشارات تؤكد أن الأمن المصري كان على تعاون وتنسيق مع الخاطفين، إن لم يكن هو الذي اختطفهم.. من ذلك (تغييره لبرنامج الرحلة بما يناسب تنفيذ الجريمة، وأنه - خلافا للترتيبات المعتادة - لم يرافق الحافلة التي تقلّهم، وأنه لم يتدخل لحمايتهم رغم أن العملية تمت على بعد ثلاثمائة متر من موقعه على المعبر وبعد إطلاق الخاطفين النار على الحافلة)، إلى غير ذلك من الإشارات التي تحدث عنها شهود العيان.. أما الإعلام المصري – الانقلابي – فقد أعطى الدليل العملي على صحة هذه الاستنتاجات من خلال التصعيد الخارج عن السياق وغير المبرر.. وأقول: هذه الجريمة ليست الوحيدة ولا الأخطر التي يمارسها الانقلاب ضد حماس إذا أخذنا بنظر الاعتبار قتله بعض من اعتقلهم في سجونه، ومشاركته في الحصار، ما يتسبب بموت المئات، وتعاونه مع الاحتلال والسلطة في محاولة الإخلال بالأمن في غزة.. وإذن فجريمة الخطف الحالية تأتي تتميما ووصولا لمرحلة متطورة من العداء والاستهداف الانقلابي لغزة طالما عبر عنه إعلاميون وعسكريون ونخب منسوبة للانقلاب بتهديد غزة والتسفل في وصفها.. جريمة الاختطاف هذه وما يمكن أن تستتبعه من حماس كحركة ثورية ذات أيديولوجية معززة بالقوة، وما يمكن أن يجره التصعيد والتصعيد المقابل من تطورات.. تطرح سؤالاً عن الرد الذي يمكن أن تتجه إليه حماس، وما إن كانت ستتورط في مواجهة صريحة أو من وراء ستار مع الانقلاب المصري، ما يتجاوز حسابات القوة والإمكانات وحسابات الجرأة والخوف في خضم التحفز العاطفي والحسابات الأمنية.. وأرى: أن على حماس أن تحافظ على وعي الشعب المصري تجاه القضية الفلسطينية التي يواليها وتجاه العدو الصهيوني الذي يراد إعادة بناء ولاء آثم معه.. فتتجنب أي تصعيد يودي بهذا الوعي.. هنا لا بد من التنبه إلى أن السيسي والانقلاب يستهدفان وعي الشعب المصري بذات القدر الذي يستهدف فيه حماس والمقاومة وبقدر ما يسعى للتطبيع مع الاحتلال والولاء له. وعلى حماس أن تحذر من أن تسمح للانقلاب بسحبها لحرب صريحة، هي تعلم أنه يرغب فيها ويسعى لها كثمن يقدمه للعدو ولرضاه عنه وتسويقه له دوليا ومن أجل التملص من استحقاقات المقاومة. وعلى حماس أن تتنبه إلى أن ما يمنع العسكر الانقلابي المصري من الاعتداء على غزة، ليس عدم اكتمال العداوة ولا استبقاء شيء من العلاقة الأخوية، ولكنها الظروف الموضوعية التي تتعلق بدواخل الحالة المصرية، أمنيا وسياسيا ومجتمعيا وعسكريا.. بالتالي فليس على حماس أن تجتهد في استرضائه واستعطافه أو المراهنة على التقارب معه، فذلك لن يزيده إلا عنادا واستكبارا.. ولكن أن تنحو إلى مخاطبة المواطن المصري والنخب المحترمة المصرية من كافة الملل والنحل بالحقائق المجردة. ولكن الذي على حماس أن تتنبه إليه وأن تستثمره هو أن تتحرك من خلال الفصائل الفلسطينية وبالأخص منها العلمانية بما يعيد تصفيف المعادلة على أنها عدوان على الشعب الفلسطيني وقضيته ومقاومته وليست على فصيل حماس وحدها، فذلك يربك تحالفات السيسي الداخلية مع بعض العلمانيين وبعض القوميين.. آخر القول: لا شك أن عملية الاختطاف التي قام بها أمن الانقلاب أو وافق عليها في أقل تقدير.. هي أسوأ ما يمكن أن يكون بين الطرفين حتى الآن، ولكنها ليست الأخطر ولا الأصعب إذا تفكرنا فيما يمكن أن ينتج عن مجاراة التصعيد بالتصعيد ورد العدوان بمثله.. دون أن يمنعها ذلك - بالطبع - من البحث عن حلول عملية ضرورية للحالة الراهنة ووضع تصورات تمنع تكرار الجريمة.