11 سبتمبر 2025
تسجيلهل ينطبق المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد" على العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا بعد قرار السلطات الروسية بحظر استيراد منتجاتها من الحاصلات الزراعية والموالح من دول أوروبا الغربية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية واستبدالها بمصر والمغرب، والتي تعد فرصة ذهبية ولن تعوض للمنتجات المصرية، لإنعاش الوضع الاقتصادي المتردي في مصر بعد الثلاث سنوات العجاف التي مر بها، نتيجة للتوقف أو الشلل الذي أصاب جميع القطاعات الاقتصادية وضربت الإنتاج والسياحة والصناعة والزراعة.ولعل القرار الروسي يكون سببا أو حافزا لزيادة المبادلات التجارية من 2.2 مليار دولار عام 2013 إلى 5 مليارات دولار بنهاية الموسم القادم، خاصة في مجال الصادرات الزراعية، لأن حجم استيراد روسيا من الحاصلات الزراعية من دول أوروبا وأمريكا تصل نسبتها 11% من حجم التبادل التجاري المتبادل بينهم وأن قرار الحظر سيخدم نسبة الصادرات المصرية إلى روسيا من حاصلات البطاطس والفاكهة وبعض الخضر الأخرى، التي تصدر فعليا إلى روسيا، ولاسيَّما أن الرئيس بوتن قال: إنه سيعطي الأوامر للجهات الروسية المعنية لتبسيط وتسهيل دخول المنتجات الزراعية المصرية إلى السوق الروسية، بما يمكن أن يحقق طفرة في الصادرات المصرية، خاصة من الحاصلات الزراعية، وهذا يتطلب التحرك لدراسة احتياجات السوق الروسي من المنتجات المصرية، والتعرف على الإمكانات المتاحة وهل يمكن أن تواجه الطلب الروسي على المدى الطويل من دون أن تؤثر على حجم العرض في السوق المصري الذي سيتأثر حتما من زيادة الطلب الخارجي الأمر الذي يؤثر على منحنى الأسعار الذي سيصعد بشكل حاد، ضد مصالح المستهلك المصري وقدرته الاقتصادية والمالية، ولكن على الجهات المسؤولة خاصة المنوط بها زيادة الصادرات الزراعية أن تسرع في البحث عن الخيارات والبدائل التي تساعد على الاستفادة من هذه الفرصة التي لم تخطط لها، في أن تسفيد من الخسائر التي ستلحق بالصادرات الأوروبية إلى روسيا لتكون فائدة للاقتصاد المصري وانتعاش الصادرات خاصة إلى روسيا، وذلك من خلال دراسة مساحات الأرض الصالحة للزراعة واحتياجاتها من المياه والتركيز على أنسب المحاصيل والزراعات الأقل استهلاكا للمياه، والتي يمكن إنتاجها على المدى القصير لتعويض النقص الذي سيشهده سوق المنتجات الزراعية إذا التزمت مصر بسد الفراغ الأوروبي في السوق الروسي الذي يقدر بنسبة %30، وفي ذات الوقت الابتعاد بقدر الإمكان عن زراعة المحاصيل الشرهة في استهلاكها للمياه، ومن المهم أن تشارك الشركات المصرية والقطاع الخاص في تطوير الزراعات واستخدام التكنولوجيا الحديثة والميكنة الزراعية والتقاوي والأسمدة الجيدة واستخدام أساليب حديثة في مكافحة الآفات لزيادة الإنتاجية، والحرص على التأكد من مدى مطابقتها للمواصفات التصديرية، إلى جانب توفير المخازن المجهزة للتخزين والتصدير، ووسائل وآليات الشحن والنقل التي تحافظ على حفظ الصادرات والمنتجات من التلف وتقليل حجم الفاقد، هذا إذا استطاعت السلطات المصرية التعامل مع الموقف بأسلوب علمي واستراتيجية واضحة بعيدة عن العقلية البيروقراطية والروتين والبطء، لأن سرعة التحرك واستثمار الوضع العالمي وحالة الجزر في العلاقات الروسية مع أوروبا وأمريكا، بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على روسيا،في إنعاش الاقتصاد، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين موسكو والقاهرة والنهوض بسوق المنتجات الزراعية في مصر، وتعزيز قدرتها على المنافسة الخارجية الشرسة خاصة في السوق الأوروبي الكبير، والأسواق المجاورة لروسيا مثل بيلاروسيا وكازاخستان وأوروبا الشرقية، خاصة أن ذلك يمكن أن يساعد على فتح مجالات تعاون أخري مع هذه الأسواق، إذا حازت المنتجات والصادرات المصرية ثقة وإعجاب المستهلكين، لأنها حقيقة فرصة ذهبية لعبور المنتجات المصرية إلى المياه الباردة، وإذابة الجليد وتحطيم القيود والعقبات التي يضعها الاتحاد الأوروبي أمام الصادرات الزراعية المصرية، بالإضافة إلى أن علاقات التعاون الاقتصادي الناجح، قد تساعد في زيادة تدفق الاستثمارات والسياح الروس لمصر خلال الشهور القليلة القادمة الأمر الذي سينعكس إيجابيا على الاقتصاد القومي بشكل عام.