17 سبتمبر 2025

تسجيل

مش خايف ؟؟

27 أغسطس 2012

في جلسة واحدة يفتح الناس قلوبهم لبعضهم البعض، قد تتعرف على أنواع من (الجور) يمارسها الخلق على الخلق مستندين لسطوة طرف على آخر، سمعتها وهي تدعو عليه ليلة العيد بعد أن أوجعها بكلامه، وقهرها بجوره، وهي التي ما بخلت عليه حتى بذهبها الذي باعته له لتفك ضائقته، في الجور كلام كثير فقد يجور الزوج على زوجته وأولاده بالحرمان من الضروري، والتقتير عليها وحسابها على (البيزة)، بينما ينفق على نفسه إنفاقاً بازخاً، ليستمتع قدر ما يستطيع مع أصحابه خارج البيت بسخاء مفرط، ويد مبسوطة عليه، مغلولة عليها! قد يجور الشاهد فيداري شهادة الحق لينطق بالهوى فتختل مصائر القضايا! وقد يجور الأولاد بعقوق الآباء فلا رعاية، ولا عناية، ولا رحمة، ولا نفقة، ولا حتى سؤال! وقد يجور المسؤول فيهتم بالإغداق بالترقيات، والزيادات على موظف (مشلط لشغله) بدواعي الواسطة، أو القرابة، أو لخدمات خارجية يقدمها الموظف تحبباً وتقرباً بينما يغمط حق موظف يقوم بعمل عشرة – عادي – (مالوش ضهر)! قد يجور البائع فيطفف ميزانه ويأخذ أكثر من حقه! قد يجور الآباء في توزيع أنصبة تركاتهم التي يفضلون توزيعها في حياتهم ليظلموا بعض أبنائهم ظلماً بيناً! وقد يجور الشركاء فيبتلع بعضهم حق بعض مستندين إلى عزوتهم أو قوتهم! كثير هو الظلم، كثير وياما كسر الدعاء رقبة ظلام استقووا على ضعف الناس بجبروتهم وسلطانهم، وقوتهم، اذكر الحكاية الشهيرة لعجوز كان لها بستان، أصبحت يوماً فوجدت أن (ابن الفرات) قد ضم بستانها إلى أرضه، ذهبت إليه تبكي وتولول وتشرح له – هذه مزرعتي، أنا عجوز حسيرة، كسيرة، لا عائل لي، ولا معاش لي إلا من هذا البستان.. لم يؤثر فيه رجاؤها ولا عويلها، لما وجدته مصمماً على ضم بستانها لزرعه غير آبه ببكائها قالت له سأدعو عليك، رد عليها مستهزئاً (لا تنسي أن يكون دعاؤك في الثلث الأخير من الليل) وظلت العجوز تستقبل القبلة وتدعو عليه شهراً بحرقة ما تعانيه من فقر وعوز بعد فقد ما كانت تعتاش منه، ثم كان القصاص العادل حيث شاع أمر الوالي وجوره، فأمر الخليفة بابن الفرات فقطع يده اليمنى، ثم اليسرى، ثم قطع رأسه، وصودرت أملاكه! قد يتصور سامع أو قارئ هذه الحكاية أنها من اللطائف، لكنها في الحقيقة تشير يقيناً إلى عظمة الدعاء وقدره وسهامه التي لا تخطئ صدر الجائر فتزلزله، أعرف بشراً يمكن أن يقبلوا من إساءات البشر الكثير الكثير إلا أن يدعو عليهم أحد، يرتعبون من الدعاء! ليتنا ومازال رحيق ثلاثين يوماً مضت حوالينا نتغير، وننأى عن الجور بكل أشكاله، وليت قلوبنا تنصت إلى صوت يقول: لا تظلمن إذا ما كنت متقدراً فالظلمُ عقاه إلى الندمِ تنام عينُك والمظلومُ منتبهٌ يدعو عليك وعينُ الله لم تنمِ وبعد ما تقدم يا كل من تجرأ على حق الناس فظلم وجار (مش خايف)؟! * * * في رمضان تحدثوا كثيراً عن ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمر حكيم، أي تقدر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام وفيها يكتب الأحياء، والأموات، السعداء والأشقياء، من كتب له عز أو كتبت عليه مذلة، وكذا الجدب أعاذنا الله منه. استوقفني كلام الرجل الطيب ليعتريني خوف، ويقبض على روحي وجل وأنا أتأمل حال الخلائق وقد بسطت بين يدي الرحمن لتكون القرارات المصيرية التي نحصرها نحن في دنيانا بالانتخابات، والامتحانات، ومناقشات الماجستير والدكتوراه، والمقابلات التي نحصل بعدها على وظيفة، فكرت ملياً في قرارات ليلة القدر المصيرية، هل انتبهنا لكلمة المصير هذه؟ هل تفهمنا أصلاً؟ هل نملك فراغاً بين آلاف من اهتماماتنا الفارغة لنفكر فيها؟ هل للمصير الذي قرر لنا مكان بين إشغالنا، وأولادنا، ومشاريعنا، وأحلامنا، وكل ما ندور في فلكه؟ قد تكون هذه الأسئلة بلا جواب (مشغولين بنشوف المسلسل) طيب هناك مسلسل آخر مجهول نحن أبطاله ونجومه وأحداثه بكل مآسيه أو أفراحه، هناك (مصيرنا) إما (نتلسوع) أو ننجو لا ثالث لهما! خلاص صدر القرار الإلهي في ليلة القدر التي مضت بصالح أعمالنا أو طالحها، خلاص كتب السعداء، والأشقياء، الناجون والهالكون! (طب احنا فين؟) احنا مع مين؟ أسئلة صاروخية تدك رأسي والشيخ يشرح حال ليلة القدر ويبكي، تأملت من يدب منا على الأرض وفي رأسه وخزانته خطط، وانشغالات، وصفقات، وسفرات، وإنجازات متوقعة، وبناء دور وقصور، وقائمة مشاريع طويلة عريضة وقد كتب أنه مفارق وسينتقل من محطة الحياة إلى محطة السكون الأبدي (الموت)! تأملت الناجين بعمل صالح ختم لهم به، والهالكين الذين غلبت عليهم شقوتهم بسوء طويتهم، تأملت السعداء الذين اكتشفوا مبكراً فخاخ الدنيا وكمائن فتنتها المنصوبة في كل درب فلم يقعوا في عشقها، تأملت الأشقياء الذين ضللتهم الدنيا بما لها، بمالها وبها رجعها، وأيام رخية تمنح كل المشتهى فارتموا تحت أقدامها خداماً يسألونها الرضا! تأملتنا ونحن نضحك حتى الإغماء وكفننا ينتظر من يشتريه ليسترنا بآخر ما نرتدي من خرق الدنيا قبل الكمون في البرزخ! تأملتنا وقد أحاطتنا انشغالات الدنيا الباهتة فحرمتنا لحظة تأمل في كلمة كتبتها يد الرحمن في ليلة مضت اسمها (المصير) تأملت كل ما في بيوتنا من لهو، ولعب، وإلهاء، وشياطين إنس يجروننا بعيداً عن درب الأوبة والإنابة، تأملت كل ما يحرمنا من الانعطاف نحو لحظة صفاء قد يكون فيها إنابة القلب بالدعاء، تأملت العثرات، والحفر، والفخاخ، ولمة اللهو والغواية، تأملتنا وسألت أين نحن من كشوف النجاح والرسوب، ماذا كتب لنا؟ ماذا كتب علينا، تحفر الأسئلة عميقاً في الروح ويتعملق سؤال جديد ماذا نفعل؟ ربما يكون مناسباً أن أقول فلنبدأ وكأننا ولدنا اليوم، فلنبدأ بطهارة الوليد، فلنكف الجوارح عن الأذى، ولنرجو الرحمن الرحيم أن يهبنا قلباً سليماً مبصراً عسى أن نكون من الناجين. طبقات فوق الهمس • في أحد المساجد فتحت صدفة مصحف (تفسير الجلالين) لأذهل مما رأيت فقد امتلأت آخر صفحة بالمصحف برسومات، ووجوه، وأشجار، ودوائر، وشخابيط، أما داخل المصحف فالأمر أنكى حيث وجدت خطوطاً تحت بعض كلمات الآيات، وفوقها كتب معناها بقلم أزرق! منتهى الاستهتار من الكبار الذين لم يفرقوا بين المصحف وكتاب المحفوظات، ومنتهى الاستهانة من صغار لم يعلمهم آباؤهم أن ثمة فرقاً مذهلاً بين دفتر الرسم وشخابيطه، وبين المصحف وقدسيته، هنا أكرر التحية للأوقاف لمنعها الأطفال دخول المساجد الذين أقل (بلاويهم) الرسم على المصاحف. • على إحدى القنوات الدينية، لم أجفل منه، لم يصبني الملل من الاستغراق في خشوع مصنوع، لم أغير المحطة تابعته التقطت أذني ما يقوله براحة واطمئنان، قال شعراً ونثراً. • إذا القلوب خلت من ذكر خالقها.. فهي الصخور التي تحتل أبدانا. • السعيد من ترك الدنيا قبل أن تتركه. • لا ينفع الندم بعد العدم. • إذا عذبتنا كثرة الذنوب فلندعو، اللهم تجاوز عن كل شيء، واعفو عن كل شيء، واغفر كل شيء، ولا تسألنا يوم الحساب عن شيء. • ليس الخائف من يبكي ويمسح عينيه، إنما الخائف من ينأى عن المعصية وقد عُرضت عليه. بعد رمضان • لم تفلح استغاثات الناس رغم سقفها العالي جداً أن تخفض من الأسعار في شهر ثبت أنه يحتاج إلى ضرب المرتب في ثلاثة أضعافه حتى تستطيع أي أسرة توفير مستلزماتها المعيشية في رمضان، وإذا كان هناك بشر يتمنون ألا ينتهي رمضان، فالتجار على رأسهم، الذين ثبت إخلاصهم السنوي لشفط ما في جيوب الناس، لا فائدة من أي مناشدة لضبط الأسعار، ورغم أنفنا يسطو التجار على ما يرونه مناسباً لتعظيم ارباحهم بغض النظر إن كان المستهلك ميسوراً أو معذوراً، مستوراً أو يتكفف الجمعيات بماء وجهه المحزون، أصبح المستهلك يحس بأن كل شيء أصبح تجارة، المستشفيات الخاصة تجارة، المدارس الخاصة تجارة، الحج تجارة، العمرة تجارة، العيد مناسبة للتربح وعلى رأس الأرباح طبعاً (رمضان) الذي هو خارج المنافسة بكل ما يسلب من جيوبنا وندفعه طائعين أو كارهين، والله المستعان. • للإخوة في (حماية المستهلك) رمضان مضى، والعيد مضى لماذا أسعار الخضراوات مازالت مشتعلة؟ لم يبق في جيوب الناس شيء يا سادة!!