26 أكتوبر 2025

تسجيل

جلسة إدارية خُماسية

27 يوليو 2020

مجلس صاحبنا مجلس خير، ويُعجبني فيه أكثر أنه يضع تعليمات لمن يريد أن يأتي مجلسه، فقبل أن تدخل إلى المجلس ما عليك إلاّ ان تضع هاتفك (جوّالك) في المكان المخصص لذلك وهو (الجفير)، حرصاً منه - جزاه الله خير- على إحياء قيمة التواصل والحديث في المجلس مع الجميع، فلا ينشغل من يحضر بهاتفه، فلصاحب المجلس كل الاحترام والتقدير على هذه المبادرة العملية، والتي تُعزز من قيمة (السنع) والاحترام لمن في المجلس على الالتزام، والتي توارثناها عن الآباء والأجداد رحمهم الله، وليس - مع الأسف الشديد - كما يحدث الآن وما نراه، ما أن تدخل مجلسا ما إلا والكل مشغول بهاتفه من قبل الحاضرين، ولا نعمم ولكنه واقع مع العالم الافتراضي، أهذا مجلس؟!. في هذه الجلسة الخماسية والتي استمتعتُ بتواجدي فيها لمدة ساعتين تقريباً، وكان يوم إجازة، وبالحديث مع الحاضرين عن جوانب إدارية عامة والتي دارت بيننا، مما دفعني إلى أن أنقل أجمل المشاهد في هذا المجلس من حديث الإخوة عن مساحات إدارية مختلفة، كل له طريقته وأسلوبه، وأتت على واقع نعايشه، فاقترح أحد الحضور أن يتكلم الخمسة عن موضوع إداري مؤسسي بشكل مبسط، ولا بد من التنويه أن الحديث كان باللهجة العامية، فبدأ الأول حديثه بعفوية:- موضوع التدريب عن بُعد والذي جرى تنفيذه من قبل الجهة المختصة بالدولة جداً مفيد خلال هذه الجائحة، وهيأ لمرحلة جديدة للتعامل مع التقنية من قبل كل موظف كان له حظ من التدريب عن بُعد، وهنا طرح صاحبنا سؤالا، هل يمكن قياس التدريب عن بُعد؟ وما الأثر أو العائد من التدريب عن بُعد؟ وهل سيتم تقييم هذه التجربة من قبل الجهة المختصة لنرى ما تحقق من إيجابيات وما كان فيها من سلبيات ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، أو على موقع الجهة؟. الثاني: عصرنا الوظيفي المؤسسي الآن قائم على الخدمات الرقمية، وقد حركت جائحة كورونا الكثير من المؤسسات إلى الإسراع لإضافة خدمات تتواصل مع مراجعيها من خلال الخدمات الرقمية المقدمة، وما هذه التطبيقات الرقمية بكافة أنواعها إلا وسائل فاعلة، لتعزيز وتحقيق قيمة التواصل المؤسسي مع الموظفين وجمهورها الذي تتعامل معه وإنهاء معاملاته ومصالحه، والجائحة أتت بكل ما هو مفيد لأي مؤسسة تريد السمعة المؤسسية ومزاحمة المؤسسات الأخرى في هذا المجال الرقمي الواسع المتعدد. أما صاحبنا الثالث - ما شاء الله - هو ممن يحفظ الأحاديث الشريفة، فقد أتى لنا بحديث يصف واقعاً إدارياً، فأتى بالحديث ما نصه، عن أبي حُمَيد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فهلَّا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا!"، ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟! والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء، أو بقرةً لها خوار، أو شاةً تيعر"، ثم رفع يده حتى رُئِي بياض إبطه يقول: "اللهم هل بلغت". ثم ختم حديثه، بقوله "إِنّ اللبيبَ مِنَ الإشارةِ يفهمُ"، فابتسم من في المجلس. الرابع: هناك قيمة إدارية مهمة لو وضعت في مكانها الصحيح، لرأيتَ الموظف يعطي أفضل النتائج في عمله من غير تراجع أو تهاون أو تأخير، وهذه القيمة أبعد من إعطاء الموظف الصلاحيات المعتادة، وهي قيمة التمكين بمعنى وسّع دائرة الصلاحيات الممنوحة له وزده ثقة بذاته. أما الخامسة فكانت لصاحب المجلس فقد طرح عدة تساؤلات من بينها: كيف سيكون العمل بعد رجوع جميع الموظفين إلى أعمالهم في المرحلة الرابعة؟ هل ستكون الهمة عالية أم منخفضة؟ هل سيأتي بعض الموظفين بالأعذار لكي يتغيبوا عن العمل بحجة أنه ما زال وباء كورونا موجودا؟ وهل الانضباط الذاتي لأي موظف يحقق الانضباط الوظيفي والنجاح والعطاء في العمل؟. أسئلة مهمة أتى بها صاحب المجلس، وكان لها إثراء من قبل الحاضرين. "ومضة" ليت مجالسنا تحذو حذو مجلس صاحبنا، فلا ينشغل الحاضر بهاتفه عن الآخرين، نرجو ذلك!. "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ". [email protected]