12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم يدخل يوم 15 يوليو الجاري التاريخ من أوسع أبوابه، لأنه شهد محاولة انقلاب فاشلة في تركيا، بل لأن الشعب بكافة أطيافه نزل إلى الشوارع وأجهض تلك المحاولة. لم يشهد تاريخنا مثل هذا الحدث، فالناس أوقفت بأيديها الدبابات وصدّت القنابل، لتنقذ البلاد من كارثة كبرى. لم تنقذ بلدنا فحسب، بل المنطقة أيضًا من فوضى عارمة. الانقلاب كان ضد العالم الإسلامي أيضًالو تحولت تركيا، إلى منطقة فوضى كتلك التي تشهدها العراق، وسوريا، ومصر، وليبيا، واليمن، لتلقى العالم الإسلامي ضربة كبيرة أخرى، لأن أكبر اقتصاد وجيش وقوة سياسية في العالم الإسلامي، كانت ستطوى وتصبح مجرد صفحة في كتب التاريخ.لهذا السبب لم تكن محاولة الانقلاب العسكري تلك موجهة فقط ضدّ تركيا، بل كانت تستهدف العالم الإسلامي كله، كانت ضربة كتلك التي وجهت إلى مصر، واليمن، وليبيا. لقد كانت تلك المحاولة الضربة الأخيرة التي تستهدف مشروع تحقيق الاستقرار في العالم الإسلامي، والحمد لله باءت المحاولة بالفشل.هذه العملية لم تنته بعد، فالجهود المبذولة لخلق حالة عدم الاستقرار لا تزال مستمرة. الآن، تبذل جهودٌ حثيثة من أجل خلق أجواء صراع بين السنة والعلويين، وبين الأتراك والأكراد.إنه لمن المثير للاهتمام، أن توقف منظمات إرهابية مثل "داعش" و"بي كا كا" و"جبهة التحرر الشعبي الثورية" اليسارية المتشددة نشاطاتها ضد تركيا خلال فترة المحاولة الانقلابية الفاشلة، وبعد فشل تلك المحاولة عاودت تلك المنظمات شن هجماتها ضد تركيا، إن هذا يعد مؤشرًا هامًا يؤكّد أن تلك المنظمات تدار من المركز نفسه.إن تركيا تبدي مقاومة كبيرة، تركيا شعبًا وحكومة في الشوارع، تستعد بحذر بعد أن قرعت جرس الإنذار، أبناء الشعب يتناوب على حراسة البلد كل ليلة، ويقولون لن نرجع إلى بيوتنا حتى يقول الرئيس أردوغان "تستطيعون العودة إلى بيوتكم بعد الآن".ما الذي يحدث إذا ما سقطت تركيا؟لقد تقسمت العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن بشكل فعلي، فيما تبذل المساعي لتشكيل عشرات الدول الجديدة في المنطقة، كما أن من أبرز أهداف المحاولة الانقلابية الفاشلة هو تقسيم تركيا وفصلها عن مناطقها الشرقية والجنوب الشرقية، في الوقت الذي ينتظر فيه آلاف المسلحين الشيعة وعناصر "داعش" في سوريا والعراق، من أجل مهاجمة تركيا، كانت النية احتلال مناطقنا الشرقية. جميع هذه المخططات كانت ستدرج على جداول الأعمال، وفي خضم حالة الفوضى تلك، كانت ستعلق عضوية تركيا في حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، وسيطوى ملف انضمامها لعضوية الاتحاد الأوروبي كبلد مُرَشَّح، وسيتم عزلها وتهميش دورها، كان سيتم التخلي عنها وتركها وحيدة أمام الإرهاب وعواصف الفوضى، انظروا ماذا كانوا ينوون فعله بالاقتصاد الـ17 على مستوى العالم، بهذا البلد الذي يبغ عدد سكانه نحو 78 مليون نسمة، بأقوى دولة في العالم الإسلامي، نعم.. نحن أيضًا مازلنا نعيش على وقع الصدمة.لهذا السبب نقول دائمًا، ما لم نخلق وحدة وتعاونًا مشتركًا فسوف يتم تفتيت دولنا لتصبح في مهب الريح، لم تعد تلك الأفكار تعبر عن "نظرية مؤامرة"، بل إنها مخططات بدأ تنفيذها الآن على أرض الواقع.من وراء الانقلاب؟هل كان من الممكن لمنفذ هذه المحاولة فتح الله غولن، الذي يعاني من مرض الفصام، أن ينجح؟ ليس من الممكن أن تكون الأساليب والإستراتيجية والوسائل الاستخباراتية التي تم اتباعها عن تشكيل هذه المنظمة من بنات أفكار غولن، منذ البداية كانت هذه المنظمة تتلقى دعمًا من المخابرات الأجنبية، وتنفيذ التكتيكات التي تملى عليها، إن هذا العقل المدبر لكل هذا لم يخرج من تركيا أو العالم الإسلامي، حتى حسن الصباح لم يكن يمتلك القدرة على تنفيذ كل هذه المخططات.إن من قاد ودعم هذه المنظمة هو عقل يهودي نجح طيلة آلاف السنين في إخفاء نفسه والبقاء كأقلية، وعقل إنجليزي تمكن من خلق صلات قوية والتحكم بموازين القوى الدولي.لنقل أن كل هذا عبارة عن توقعات ونظريات، لكن علينا بالمقابل أن نذكر بأن زعيم هذه المنظمة يعيش منذ 16 عامًا في الولايات المتحدة، ويدير تلك المنظمة منها، ومنها أيضًا تمكن من افتتاح عدد كبير من المدارس والمؤسسات في أكثر من 200 بلد حول العالم، ليصبح قوة عالمية، لقد أصبح عبارة عن منظمة منضبطة ومميتة ومؤسساتية خطيرة، تعمل بمنهجية عالية.لماذا تقدم الولايات المتحدة دعمها لغولن؟اعترفت العناصر المنتمية لمنظمة غولن، والتي كانت موجودة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية والقضائية، بأنها على علاقة بتلك المنظمة وأنهم من الأشخاص الذين ترعرعوا في مؤسساتها. كما أن منفذي محاولة الانقلاب وضعوا فوهات أسلحتهم على رأس رئيس أركان الجيش التركي، خلوصي أقار، وعرضوا عليه التحدث هاتفيًا مع غولن، لكن أقار رفض العرض. لا يساورنا أي شك بأن منفذ هذه المحاولة الانقلابية على الأرض هو فتح الله غولن. وبالمقابل، ماذا كان رد الولايات المتحدة التي تستضيف غولن على أراضيها (في ولاية بنسلفانيا) على طلب أردوغان بضرورة تسليم ذلك الشخص إلى تركيا فورًا؟ كان ردها أن قدموا طلبًا رسميًا من أجل إعادته، وبعد تقديم الطلب هناك إجراءات قانونية لابد من اتباعها، تعقبها إجراءات قضائية.. إلخ، إنهم أرادوا القول إنهم لا يرغبون بإعادته، لكن بطريقة غير مباشرة.عندما أعلن عن بدء محاولة الانقلاب لم يصدر عن العالم الغربي أي إدانة جادة في هذا الإطار، وبدلًا من إدانة الانقلاب كان التصريح الأول للولايات المتحدة هو "نحن نريد الاستقرار"، أي أنها ألمحت أنه على استعداد لأن تقف إلى جانب الفائز، لكن وبعد أن فشل الانقلاب، وجد الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه مجبرًا لأن يقول:"نحن ندعم الحكومة المنتخبة!"، ومجددًا لم يتمكن من القول إنه على استعداد لتسليم غولن إلى تركيا.تركيا تنتظر إجابات من هذه البلدانحسنًا، هل هذه هي الطريقة التي تتصرف بها البلدان المتحالفة معنا؟ هل هذا هو الأسلوب الذي تتصرف فيه البلدان المؤيدة للديمقراطية؟لا، لقد رأينا بأم أعيننا أن أيًا من تلك البلدان ليست صادقة تجاه الديمقراطية، وليست من بين الحلفاء الصادقين.والآن وبعناية فائقة، نترقب ما الذي ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسرائيل وبريطانيا وحلف شمال الأطلسي بفعله، وبعدها سنتخذ قرارات حول مستقبلنا. أمازال العالم الإسلامي لم يستيقظ من كبوته؟