19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); على عكس المألوف من أن المقدمات تؤدي إلى النتائج بالضرورة، خاصة في الحالة الصهيونية-العربية؛ حيث تخطط إسرائيل وترتب للعدوان والدول العربية غارقة في الأحلام الوردية والوعود الأمريكية، ثم تبدأ الحرب وتنتهي بما خططت له إسرائيل ورتّبه لها حلفاؤها. ولكن غزة هذه المرة كان لها رأي مختلف؛ فبعدما منَّى نتنياهو النفس باجتياحها، والقضاء على قوى المقاومة الفلسطينية، وقام بالترتيبات اللازمة مع صديقه وحامي مؤخرة جيشه عبد الفتاح السيسي عن طريق رئيس المخابرات فريد التهامي، وبتمويل من بعض البلاد العربية الكارهة للربيع العربي، قام نتنياهو لتحقيق ما تمناه هؤلاء جميعًا من سحق فكرة المقاومة خاصة الإسلامية منها؛ فانتهز فرصة مقتل ثلاثة من شباب المحتلين الإسرائيليين في الضفة الغربية ونسب قتلهم إلى حماس في غزة، رغم أن تبين أن قاتِلَهم صهيوني مثلهم اختلف معهم على أموال، ولكن نتنياهو كان يبحث عن ذريعة؛ ومن ثم بدأ العدوان.إلى هنا كان ما يحلم به الجمع المتآمر يتحقق، ولكن غزة العزة، ورجالها الأبطال أخلفوا ظنون أبالسة الإنس، وردوا بصواريخ طويلة ومتوسطة الأمدية طالت قلوب المدن الصهيونية بل في الحقيقة طالت قلوب الصهاينة أنفسهم، فقوضت بنيان الأمن الذي كانوا يعيشونه أو يرتجونه؛ وأجبرتهم أن يستبدلوا بالبنايات الفاخرة أقبية الملاجئ والمخابئ مذعورين مرعوبين، ثم سقط قتلاهم الواحد تلو الآخر، وانهارت النفوس، وانمحق الكِبر من الصدور، وظلت المقاومة تسطر بمداد من الفخار قصص بطولة، بل الأروع أن الشعب الفلسطيني في غزة أثبت تضامنه مع المقاومة التي تمثله، فصبر على تقديم التضحيات وتحمل المآسي وارتقاء الشهداء كبارًا وأطفالاً، وأخذ يهلل ويكبّر مع كل صاروخ ينطلق ليدمر أحلام البغاة ويحولها لكوابيس تطبق على صدورهم.ومن مفاخر غزة أنها حركت روح المقاومة في قلوب أهل الضفة؛ فبدأت نذر انتفاضة ثالثة لديهم بتظاهرات ومواجهات مع قوات الاحتلال.والآن، وضعت غزة الشركاء المتشاكسين في أزمة؛ إذ أخلفت ظنونهم في النصر السهل وسحق المقاومة، وتسليم فلسطين كاملة للصهاينة؛ ومن ثمَّ سعوا لإنقاذ لا أقول: إسرائيل، وإنما إنقاذ مشروعهم المشترك؛ فظهرت المبادرة السيساوية الانقلابية -والتي لا ننسبها لمصر- وهي مبادرة -وياللمفارقة- كتبها نتنياهو بنفسه، وأملاها على شريكه ليظهر وزير خارجيته معلنًا عنها في محاولة لتجريد المقاومة من نتائج النصر الذي حققته، ولكن جاءت الصفعة مدوية برفض المقاومة لأية إملاءات، وإظهارها رغبتها في أن يكون التفاوض مع قوى متعاطفة مع الحقوق الفلسطيني كقطر وتركيا. والآن هناك رابحون وخاسرون؛ فغزة العزة ورجال مقاومتها الباسلون انتصروا في شهر النصر بفضل من الله، ووضعوا الجميع في مأزق، وننتظر تأييد الله لهم في المفاوضات كما أيدهم في المعارك ليحصلوا على حق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة، وفي فتح المعابر، وكسب الرزق. وهناك الدول المؤيدة للمقاومة وحق الشعب الفلسطيني بل حق الشعوب جميعها في الحرية واختيار من يمثلها، مثل قطر وتركيا، وهذه فازت حينما عرف العالم أنها وحدها من يمكن أن تثق المقاومة بها، وأن أي حل لابد أن يمر عبرها؛ مما ينعش قوى الربيع العربي، ويمنحها الأمل في النصر على الثورة المضادة في بلادها. أما نتنياهو فأعتقد أنه لم يخسر الحرب فحسب، وإنما خسر مقعده في رئاسة الحكومة والحزب أيضًا، وربما خسر حزبه الانتخابات النيابية القادمة، ولكن الأهم أنه بدلاً من أن يحقق ما يصبو إليه قد تراجع للوراء خطوات كثيرة.أما الأذناب الذين فقدوا انتماءهم لدينهم وعروبتهم فقد خسر بعضهم أمواله التي دعم بها العدو لقتل المسلمين، وسيؤثر ذلك بإذن الله على مؤامراتهم في مصر وليبيا واليمن وسوريا، وخسر بعضهم كالسيسي آخر ورقة كان يمكن أن ينال بها شرعية لدى سادته في الغرب؛ فإذا كان يحلم قبل العدوان بأن ينال اعترافًا كاملاً غير مشروط بشرعيته من الغرب مقابل أن يساعد في التخطيط والتنفيذ للعدوان إذا به يُفقِد مصر كلها المصداقية والثقة من الشعب الفلسطيني.وما زالت غزة تسطر بطولات العزة والكرامة؛ وترفع رايات النصر والشهادة، وتُخلف ظنون الأعداء والمتآمرين.