17 سبتمبر 2025

تسجيل

تهجير مسيحيي الموصل .. دلالة الموقف

27 يوليو 2014

تهجير الطائفة المسيحية من مدينة الموصل العراقية والتي أقدمت عليه جماعة داعش الأسبوع الماضي بعد بيانهم الغريب في محتواه الفقهي الذي يستبيح النصوص الشرعية ويلويها لهوى الجماعة التي يشكل تكوينها لغز غريب ومحير للعالم أجمع باستثناء أجهزة المخابرات التي تقف وراءها. فهذا التهجير القسري لجماعات مدنية تعايشت مع المسلمين طويلاً في ظل عهود الذمة والأعراف الدولية المستحدثة ربما له ما ورائه من الرسائل الداعشية الهوجاء أسوة بسكاكينهم ورقاب ضحاياهم من المسلمين. فالتهجير هو دغدغة لمشاعر التطرف بتحقيق ممارسة دينية مغيبة تماماً كالصلب والقتل وفق الحكم الظني على عباد الله دون دليل أو برهان لمجرد كسب المزيد من المتعاطفين مع الجماعة وجذبهم للهجرة إلى دولة الخلافة المزعومة والخاوية من مقومات الدولة سوى البارود وسكاكين الذبح. كذلك هذا التهجير هو لاستفزاز العالم ضد المسلمين عموماً ممن يقيمون في البلاد غير المسلمة لمجرد لفت النظر إلى هذه الجماعة التي لا تحسن التصرف بل ظلت الطريق القويم للجهاد وساحاته فكل ممارساتها تثبط حتى المتابعة لما يجري من أحداث دامية الآن في غزة الساحة المفترضة لجهود داعش حيث الاحتلال والمواجهة المبررة ضد العدو المؤكد. ولكن عطف ولي النصوص مستمر لدى ماكينة الفتوى المتوافقة مع الفكر الداعشي الذي استحل حتى قتل الأطفال وقطع الطرق وترويع الآمنين فطالما كان مشروعهم الأعظم هو النيل من المسلمين أولاً واعتبار ولائهم لحكامهم ردة تستوجب حد السيف فليهنأ بنو صهيون بدماء غزة فخليفة المسلمين لا يعنيه أمر أطفالها ولا دمائهم وهذا ما يكشف حقيقة مشروع "عش الدبابير" ويؤكد منهجيته الاستخباراتية والتي تتوافق معها عملية الطرد القسري لمسيحيي الموصل لمجرد التمويه عن الارتباط بالجذور المؤسسة لهذه الجماعة في محاولة لرسم الاستعداء للذميين والتأكيد على محض الهوية الشرعية الإسلامية للجماعة التي لا تخاف في الله لومة لائم بينما واقع حالها لا يتطابق ومفهوم الشرع والدين الإسلامي الحنيف دين السماحة والمحبة والإخاء مع كل الشعوب حتى مع الذميين الذين تشملهم رعاية الدولة المسلمة بالحقوق والرعاية. ففي موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع عرب بني تغلب حينما أسقط عنهم الجزية أو مجرد لفظيتها خشية من لحاقهم بالروم موقف فيه من الحكمة والسياسة ما فيه. فطرد مسيحيي الموصل إشارة إلى حماقة داعش فكراً ومراساً. فالجماعة وفق نشأتها وسجلها الجهادي المزعوم تُعد ظاهرة صوتية تخدمها وسائل الاتصال الحديثة التي تُضخم من الشكل العام لها والفاقد للمحتوى طالما ظل نهجها التكفير وإلصاق الردة بعباد الله حتى وهم صيام في شهر الله الكريم. وما نعول عليه هو أن يفهم الجميع حقيقة هذا الفكر الذي يصنفه العلماء ضمن فكر الخوارج ويستدلون على ذلك بالحجج والنصوص الشرعية ولما تغلب عليه أعمال الجماعة ونهجها الدال على حقيقتهم الظاهرة ببيان فسادهم فكراً وعملاً. فنعول ألا ينخدع العموم بما تحمله راياتهم وما تنطلي عليه كلماتهم ونفخر بأوطاننا وعلمائنا وشبابنا ممن يقفون موقفا واحدا تجاه هذا البلاء الذي يهدد الأمة ويشوه حقيقتها. وكان الله في عون أهل الموصل.